وَتَعَالى ـ افْتَرَضَ طَاعَةَ أَوْلِيَائِهِ عَلى عِبَادِهِ ، ثُمَّ يُخْفِي عَنْهُمْ أَخْبَارَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ ، وَيَقْطَعُ عَنْهُمْ مَوَادَّ (١) الْعِلْمِ فِيمَا يَرِدُ عَلَيْهِمْ مِمَّا فِيهِ قِوَامُ دِينِهِمْ؟ ».
فَقَالَ لَهُ حُمْرَانُ : جُعِلْتُ فِدَاكَ ، أَرَأَيْتَ مَا كَانَ مِنْ أَمْرِ قِيَامِ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ وَالْحَسَنِ وَالْحُسَيْنِ عليهمالسلام ، وَخُرُوجِهِمْ وَقِيَامِهِمْ بِدِينِ اللهِ عَزَّ ذِكْرُهُ ، وَمَا أُصِيبُوا مِنْ قَتْلِ (٢) الطَّوَاغِيتِ إِيَّاهُمْ وَالظَّفَرِ بِهِمْ حَتّى قُتِلُوا وَغُلِبُوا؟
فَقَالَ أَبُو جَعْفَرٍ عليهالسلام : « يَا حُمْرَانُ ، إِنَّ اللهَ ـ تَبَارَكَ وَتَعَالى ـ قَدْ كَانَ قَدَّرَ ذلِكَ عَلَيْهِمْ ، وَقَضَاهُ ، وَأَمْضَاهُ ، وَحَتَمَهُ عَلى سَبِيلِ الِاخْتِيَارِ (٣) ، ثُمَّ أَجْرَاهُ ، فَبِتَقَدُّمِ عِلْمٍ إِلَيْهِمْ مِنْ رَسُولِ اللهِ صلىاللهعليهوآلهوسلم قَامَ عَلِيٌّ وَالْحَسَنُ وَالْحُسَيْنُ عليهمالسلام ، وَبِعِلْمٍ صَمَتَ مَنْ صَمَتَ مِنَّا ؛ وَلَوْ أَنَّهُمْ يَا حُمْرَانُ حَيْثُ نَزَلَ بِهِمْ مَا نَزَلَ مِنْ أَمْرِ (٤) اللهِ ـ عَزَّ وَجَلَّ ـ وَإِظْهَارِ الطَّوَاغِيتِ عَلَيْهِمْ ، سَأَلُوا اللهَ ـ عَزَّ وَجَلَّ ـ أَنْ يَدْفَعَ عَنْهُمْ ذلِكَ ، وَأَلَحُّوا عَلَيْهِ (٥) فِي طَلَبِ إِزَالَةِ مُلْكِ (٦) الطَّوَاغِيتِ وَذَهَابِ مُلْكِهِمْ ، إِذاً لَأَجَابَهُمْ ، وَدَفَعَ ذلِكَ عَنْهُمْ ، ثُمَّ كَانَ انْقِضَاءُ مُدَّةِ الطَّوَاغِيتِ وَذَهَابُ مُلْكِهِمْ أَسْرَعَ مِنْ سِلْكِ (٧) مَنْظُومٍ انْقَطَعَ فَتَبَدَّدَ (٨) ، وَمَا كَانَ ذلِكَ
__________________
(١) « المَوادّ » : جمع المادّة ، وهي الزيادة المتّصلة. والمراد : ما يمكنهم استنباط علوم الحوادث والأحكام وغيرهما منه ممّا ينزل عليهم في ليلة القدر وغيرها. راجع : مرآة العقول ، ج ٣ ، ص ١٣٢ ؛ الصحاح ، ج ٢ ، ص ٥٣٧ ( مدد ).
(٢) في البصائر : « قبل ».
(٣) في « ج » وحاشية « بح » : « الاختبار ». وفي الكافي ح ٧٤٤ والبصائر : ـ « على سبيل الاختيار ».
(٤) في « ب ، بس » : ـ « أمر ».
(٥) « ألحّوا عليه » ، أي لَزِمُوه وأصرّوا عليه. يقال : ألحّ على الشيء إذا لَزِمَهُ وأصرّ عليه. راجع : النهاية ، ج ٤ ، ص ٢٣٦ ( لحح ).
(٦) في « ب ، بح » : « تلك ».
(٧) قال الجوهري : « السِلْكُ : الخيط ». وقال ابن منظور : « السِلْكَة : الخيط الذي يُخاط به الثوب ، وجمعه سِلْكٌوأسْلاكٌ وسُلُوكٌ ، كلاهما جمع الجمع ». راجع : الصحاح ، ج ٤ ، ص ١٥٩١ ؛ لسان العرب ، ج ١٠ ، ص ٤٤٣ ( سلك ).
(٨) « فتبدّد » ، أي تفرّق ، يقال : بَدَّهُ يَبُدُّهُ بَدّاً : فرّقه. والتبديد : التفريق ، يقال : شملٌ مُبدَّدٌ ، وتبدّد الشيء ، أي تفرّق. راجع : الصحاح ، ج ٢ ، ص ٤٤٤ ( بدد ).