بل لا نعرف وجوده ، فلا ينبغي الاهتمام به في هذا الأخبار الكثيرة ، مع أنّ ظاهرها ينفي حكومة العقل ولو مع عدم المعارض.
وعلى ما ذكرنا يحمل
______________________________________________________
«الهيئة والاسلام» ولا عجب من ذلك ، فانه كم من مجاز في الكتاب والسنة ، بل هو من فنون البلاغة.
والثاني : وان ذكره بعض الفلاسفة ، إلّا انه منضما الى قوله سبحانه : (جَزاءً وِفاقاً)(١) وما اشبه ، يعطي ان الخلود لا يكون جزاء فوق العدل ، وعدم ادراك عقولنا خصوصيات العالم الآخر ، كعدم ادراك الطفل مسائل الرياضيات العالية ، لا يدع مجالا لاحتمال الظلم في حقه سبحانه.
(بل لا نعرف وجوده) اصلا ، لما عرفت من ان نحو هذين المثالين ، ايضا ، تمثيلهما للنادر غير تام ، بل حتى واذا وجد نادرا ـ فرضا ـ (فلا ينبغي الاهتمام به) اي بهذا التعارض ، وتقديم النقل على العقل (في هذه الاخبار الكثيرة) فان الاهتمام بشيء نادر الوجود ، او غير موجود ليس من شأن الحكيم ، فكيف بهم عليهمالسلام الذين هم في قمة العقل والحكمة؟.
(مع) ان هناك جوابا ثانيا على ما ادعاه الاخباريون من إلغاء العقل ، وذلك (ان ظاهرها) اي ظاهر هذه الاخبار (ينفي حكومة العقل) مطلقا (ولو مع عدم المعارض) فكيف يحملها الاخباريون على صورة ما اذا عارض العقل النقل فقط؟ وهل هذا الّا حمل المطلق على فرد منه بدون القرينة؟.
لكن يمكن ان يجاب عنهم : بانهم انّما يعملون بالعقل مع عدم المعارض وذلك لما ورد من حجية العقل ، خرج منه ما عارضه النقل ، لأقوائية ادلة النقل
__________________
(١) ـ سورة النبأ : الآية ٢٦.