والثاني إمّا أن يكون الشّك فيه في التكليف أو لا.
فالأوّل مجرى أصالة البراءة ، والثاني إمّا أن يمكن الاحتياط فيه أو لا.
فالأوّل مجرى قاعدة الاحتياط ، والثاني مجرى قاعدة التخيير.
وما ذكرنا هو المختار في مجاري الاصول الأربعة ،
______________________________________________________
(والثاني : اما ان يكون الشك فيه في التكليف ، او لا ، فالاول : مجرى اصالة البراءة) وهذه اللفظة مستعملة فيها ، لكن لا بالمعنى الاصولي ، والمراد بها هنا : ان الانسان بريء من التكليف ، بمعنى : ان لا تكليف عليه.
ثم ان المراد من التكليف : الواجب والحرام ، اما الاحكام الثلاثة الأخر ، فلا كلفة فيها ، لعدم الالزام ، فاذا شك بين الواجب والمستحب ـ كغسل يوم الجمعة ـ كان الاصل عدم الوجوب ، الى غيره من الامثلة.
(والثاني : اما ان يمكن الاحتياط فيه ، اولا ، فالاول : مجرى قاعدة الاحتياط) وهذا اللفظ مستعمل في الروايات ، والاصل فيه «من حاطه» بمعنى : اشتمل عليه ومنه المحيط بمعنى : الدائر حول الشيء دورانا ماديا ، كالسور المحيط بالبلد ، او معنويا ، كما قال سبحانه : (وَاللهُ مِنْ وَرائِهِمْ مُحِيطٌ)(١) فكأنّ المحتاط يدور حول الحكم فيأتي به (والثاني : مجرى قاعدة التخيير) والاصل فيه «خار» بمعنى : سهل ، اذ العمل بهذا او ذاك سهل ، بخلاف العمل بشيء واحد فقط ، وهذا اللفظ وارد في الروايات.
(وما ذكرنا) من التقسيم (هو المختار في مجاري الاصول الاربعة) اذ بعض الاصوليين قسم الاربعة بشكل آخر ، غير التقسيمين الذين ذكرناهما.
__________________
(١) ـ سورة البروج : الآية ٢٠.