وأمّا الشبهة الحكميّة ، فلأن الاصول الجارية فيها وإن لم يخرج مجراها
______________________________________________________
والعقل : ما يهدي البدن والنفس إلى المصالح وينهى عن المفاسد.
ومثال ذلك ، السيارة ، فالهيكل : هو البدن ، والماكنة : هي النفس ، والبنزين ، هو الروح ، والسائق : هو العقل ، والمثال تقريبي ـ كما لا يخفى ـ.
وربما يطلق الروح على النفس ، ويطلق النفس على الروح ، والدليل على انهما اثنان ـ دليلين ـ وذلك ان القرآن الكريم اذا ذكر النفس جعلها بين امرين ، قال سبحانه : (وَنَفْسٍ وَما سَوَّاها* فَأَلْهَمَها فُجُورَها وَتَقْواها)(١).
واذا ذكر الروح مدحه مطلقا ، قال سبحانه : (قُلِ الرُّوحُ مِنْ أَمْرِ رَبِّي ...)(٢).
(واما) دليل جواز المخالفة الالتزامية في (الشبهة الحكمية) كما اذا شك في ان الشارع هل اوجب اخراج الذباب من الحلق ـ اذا كان صائما ودخل ذباب حلقه في حال الصلاة ـ حتى لا يبطل صومه ، او حرّمه حتى لا تبطل صلاته ،؟ فان الاصل الجاري بعدم الوجوب وعدم الحرمة ، ينافي نفس الحكم أي الوجوب او الحرمة المحتملين ، لا ان الاصل كما في الشبهة الموضوعية يخرج مجرى الحكمين ، إلّا انه لا بأس باجراء اصل عدم الحكمين ـ هنا ـ لانه لا يلزم منه مخالفة عمليّة ، اذ الانسان اما يخرج الذباب او لا يخرج ، سواء اجرى الاصل او لا ، فلا يلزم من اجراء الاصل مخالفة عملية ، حتى يقال : لا يجري الاصل لانه يخالف العمل.
والحاصل : انه لا دليل على حرمة المخالفة الالتزامية لا في الموضوعات ولا في الاحكام ، بل الاصل في كليهما مع المخالفة الالتزامية ، اما في الشبهة الموضوعية فقد عرفت وجهه ، واما في الشبهة الحكمية : (فلأن الاصول الجارية فيها) أي في الشبهة الحكمية (وان لم يخرج مجراها) أي مجرى تلك الاصول
__________________
(١) ـ سورة الشمس : الآيات ٧ ـ ٨.
(٢) ـ سورة الاسراء : الآية ٨٥.