أعني : القيام بالفعل او الترك تخييرا ، وهو حاصل من دون الخطاب التخييريّ ، فيكون الخطاب طلبا للحاصل ، وهو محال.
إلّا أن يقال :
______________________________________________________
ولو بدون الاختيار ، فاذا قال : (وَالرُّجْزَ فَاهْجُرْ)(١).
كان غرضه حصول النظافة ، وهي تحصل ولو بدون اختيار الانسان ، كأن ينزل المطر عليه ـ مثلا ـ حتى يذهب الرجز عنه ، كما حدث في قصة بدر ـ بالنسبة إلى النجاسة الخبثية ، الحاصلة لهم من اثر الاحتلام ـ وفسّر المصنّف قدسسره حصول المضمون بقوله :
(اعني : القيام بالفعل او الترك تخييرا) بينهما (وهو) أي المضمون (حاصل من دون) حاجة إلى (الخطاب) الآخر (التخييري) الذي يخبر المكلّف بين الفعل والترك ، لان المكلّف تكوينا اما فاعل او تارك (فيكون الخطاب) الآخر (طلبا للحاصل) اذ هو حاصل بدون الخطاب (وهو) أي طلب الحاصل (محال).
ولا يخفى : ان طلب الحاصل لغو وليس بمحال في نفسه ، وانّما هو محال على الحكيم ، اللهم إلّا ان يريد : ان حصول الحاصل ـ بسبب الخطاب ـ محال.
وكيف كان : فالامر في دوران الامر بين المحذورين ، كما لا يحتاج إلى الخطاب ، كذلك في الفعلين ، والتركين ، والفعل والترك فان العقل حيث يلزم ذلك من باب العلم الاجمالي لم يكن الامر بحاجة إلى خطاب ثان ولو كان خطاب ثان فهو من الارشاد إلى حكم العقل ، لان باب الاطاعة والمعصية مرتبط بالعقل لا بالشرع.
(إلّا ان يقال) ان الخطاب الآخر ليس لغوا اذ اللغوية فيما اذا اراد به ان يفعله
__________________
(١) ـ سورة المدّثر : الآية ٥.