هذا الاحتمال حيث يتحقق عند المتجرّي لا يجديه إن لم يصادف الواقع ، ولذا يلزمه العقل بالعمل بالطريق المنصوب ، لما فيه من القطع بالسلامة من العقاب ، بخلاف ما لو ترك العمل به ، فانّ المظنون فيه عدمها.
______________________________________________________
مثلا : لو قام عنده الطريق بوجوب صيام هذا اليوم ـ بزعمه انه آخر شهر رمضان ـ فانه يحتمل ان يكون في الواقع مصادفا لاول يوم من شوال حيث يحرم صومه ، او قام عنده الطريق بحرمة وطي هذه المرأة ، فانه يحتمل ان تكون في الواقع واجبة الوطي ، من جهة إنها زوجته ، وقد زوجها له ابوه في صغره.
فهل يجوز التجري بترك ما وجب او حرم ، حسب قيام الطريق ، اذا احتمل الخلاف؟.
قلت : (هذا الاحتمال) المخالف للطريق (حيث يتحقق عند المتجري ، لا يجديه) اي لا ينفع المتجري (ان لم يصادف الواقع) فان هذا الاحتمال انّما ينفع اذا وافق الاحتمال للواقع ، وموافقة الاحتمال الواقع ليس بدائمي ، بل اتفاقي.
(ولذا) الذي ذكرناه : من ان الاحتمال لا يجدي (يلزمه العقل) اي يلزم العقل هذا الشخص الذي قام عنده الطريق (ب) الانقياد و (العمل بالطريق المنصوب) له (لما فيه) اي العمل بالطريق (من القطع بالسلامة من العقاب) لانه اما اطاعة او انقياد (بخلاف ما لو) تجرى و (ترك العمل به) لاحتمال مخالفة الطريق للواقع (فان المظنون فيه) اي في التجري (عدمها) اي عدم السلامة.
ومقولة : «المظنون» من باب المثال ، اذ ربما يظن الانسان خلاف الطريق وربما يشك ، وربما يتوهم.
نعم ، اذا قطع بان الطريق مخالف وجب عليه العمل بقطعه ، لان القطع حجية ذاتية ، وحجية الطريق عرضية ، والحجية العرضية لا تقاوم الحجية الذاتية.