الله؟ قال : «لا تتراءى ناراهما». وقد استقصينا الكلام على معنى هذا الخبر في كتاب «مجازات الآثار النبوية».
وقوله سبحانه : (فَافْتَحْ بَيْنِي وَبَيْنَهُمْ فَتْحاً وَنَجِّنِي وَمَنْ مَعِيَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ) (١١٨) وهذه استعارة. والمراد بها ، والله أعلم ، فاحكم بيننا وبينهم حكما قاطعا ، وأمرا فاصلا : بفتح الباب المبهم بعد ما استصعب رتاجه ، وأعضل علاجه.
ويقال للحاكم : الفتّاح ، لأنه يفتح وجه الأمر بعد اشتباهه واستبهام أبوابه. وقال تعالى : (وَهُوَ الْفَتَّاحُ الْعَلِيمُ) [سبأ : ٢٦]. وقال بعض بني ذهل بن زيد بن نهد :
وعمّي الّذي كانت فتاحة (١) قومه إلى بيته حتّى يجهّز غاديا أي كان الحكم بين قومه ، فيه وفي أهل بيته ، إلى حين وفاته. وقال فتاحة قومه بكسر الفاء ، لأنها في معنى الولاية والزعامة وما يجري مجراهما. وقوله سبحانه : (وَزُرُوعٍ وَنَخْلٍ طَلْعُها هَضِيمٌ) (١٤٨) وهذه استعارة. والمراد «بالهضيم» هاهنا على بعض الأقوال ، والله أعلم ، الذي قد ضمن (٢) بدخول بعضه في بعض ، فكأنّ بعضه هضم بعضا لفرط تكاثفه ، وشدة تشابكه.
وقيل : الهضيم اللطيف. وذلك أبلغ في صفة الطّلع الذي يراد للأكل.
وذلك مأخوذ من قولهم : فلان هضيم الحشا. أي لطيف البطن. وأصله النقصان من الشيء. كأنه نقص من انتفاخ بطنه ، فلطفت معاقد خصره.
ومنه قوله تعالى : (فَلا يَخافُ ظُلْماً وَلا هَضْماً) (١١٢) [طه] أي نقصا وثلما.
وقيل الهضيم الذي قد أينع وبلغ.
وقيل أيضا هو الذي إذا مسّ تهافت من كثرة مائه ، ورطوبة أجزائه.
والقولان الأخيران يخرجان الكلام عن حد الاستعارة.
وقوله تعالى : (وَتَقَلُّبَكَ فِي
__________________
(١). وفي «اللسان» الفتاحة بالضم : الحكم ، والفتاحة والفتاحة أن تحكم بين خصمين. والفتاحة : الحكومة. قال الأشعر الجعفي :
ألا من مبلغ عمرا رسولا |
|
فإني عن فتاحتكم غنيّ |
والفتّاح : الحاكم. وأهل اليمن يقولون للقاضي : الفتّاح.
(٢). هكذا بالأصل. ولعلها ضمّ.