(وَالْمُعْتَرَّ) : الذي يتعرّض بغير سؤال.
وقيل : القانع السائل أو المتعفف.
أقول : وهذا كله من الكلم الذي نفتقده كل الافتقاد في العربية المعاصرة.
١١ ـ وقال تعالى : (وَلَوْ لا دَفْعُ اللهِ النَّاسَ بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لَهُدِّمَتْ صَوامِعُ وَبِيَعٌ وَصَلَواتٌ وَمَساجِدُ) [الآية ٤٠].
الصوامع للرهبان وكذلك البيع ، والمفرد بيعة.
ويذهب أهل عصرنا هذا ، وأعني أهل العلم من المختصين باللغات القديمة ، أن «البيعة» فيها من آثار الآرامية شيء ، وهو صوت العين الذي يقابله في العربية الضاد ، وكان حقها أن تكون «بيضة» ، لأنها قبّة بيضاء ، وعلى هذا فالعين إشارة للأصل.
وأما الصلوات فهي متعبّدات اليهود ، وسميت كنيسة اليهود صلاة لأنه يصلّى فيها.
١٢ ـ وقال تعالى : (كَذَّبَتْ قَبْلَهُمْ قَوْمُ نُوحٍ وَعادٌ وَثَمُودُ) [الآية ٤٢].
وقوله : (كَذَّبَتْ) ، إشارة إلى أن الفاعل مؤنث ، والفاعل هنا كلمة «قوم» ، وهي ألصق بالتذكير ومعناها الجمع ، ولكن في الآية مراعاة للمعنى ، فالمراد ب «قوم» «الأمّة».
ولو روعي اللفظ ، لكان الفعل «كذّب» ، ويعضد هذا أن الفصل موجود في الآية بين الفعل والفاعل بالظرف «قبلهم».
ومجيء «القوم» مذكّرا متحقق في عشرات الآيات بل المئات.
١٣ ـ وقال تعالى : (وَكَأَيِّنْ مِنْ قَرْيَةٍ أَمْلَيْتُ لَها وَهِيَ ظالِمَةٌ) [الآية ٤٨].
والإملاء : الإمهال والتأخير وإطالة العمر ، والله يملي للظالم أي يمهله.
أما الكلام على «كأيّن» ، فهي لفظ من كنايات العدد مثل : «كم» و «كذا» ، وهي نظيرة «كم» في الاستفهام والخبر.
وفيها لغة أخرى هي «كائن» ، قال زهير :
وكائن ترى من صامت لك معجب زيادته أو نقصه في التكلّم وقد جاءت «كايّن» في آيات عدة منها :
(وَكَأَيِّنْ مِنْ نَبِيٍّ قاتَلَ مَعَهُ رِبِّيُّونَ