١٠ ـ وقال تعالى : (فَقالُوا أَنُؤْمِنُ لِبَشَرَيْنِ مِثْلِنا) [الآية ٤٧].
أقول : البشر واحد وجمع ، فكونه مفردا هو في قوله تعالى :
(قالَتْ رَبِّ أَنَّى يَكُونُ لِي وَلَدٌ وَلَمْ يَمْسَسْنِي بَشَرٌ) [آل عمران : ٤٧].
وفي آيات أخرى.
وأما كونه جمعا ، فكما في قوله تعالى :
(قالُوا إِنْ أَنْتُمْ إِلَّا بَشَرٌ مِثْلُنا تُرِيدُونَ أَنْ تَصُدُّونا) [إبراهيم : ١٠].
وفي آيات أخرى.
فأما الآية التي وقفنا عليها من هذه السورة ، الآية ٤٧ ، فدلالتها على المفرد ، ومن أجل ذلك بني الكلام على التثنية.
ولا بد من الوقوف ، من معنى كلمة «بشر» ، على شيء يدلّ في ظاهره على الإنسان ، رجلا كان أو امرأة ، فأقول :
لو استقرينا قدرا من الآيات التي وردت فيها كلمة «بشر» ، ومنها :
(قالَتْ لَهُمْ رُسُلُهُمْ إِنْ نَحْنُ إِلَّا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ) [إبراهيم : ١١].
(قالَ لَمْ أَكُنْ لِأَسْجُدَ لِبَشَرٍ خَلَقْتَهُ مِنْ صَلْصالٍ مِنْ حَمَإٍ) [الحجر : ٣٣].
(وَما جَعَلْنا لِبَشَرٍ مِنْ قَبْلِكَ الْخُلْدَ أَفَإِنْ مِتَّ فَهُمُ الْخالِدُونَ) (٣٤) [الأنبياء].
(وَقُلْنَ حاشَ لِلَّهِ ما هذا بَشَراً إِنْ هذا إِلَّا مَلَكٌ كَرِيمٌ) (٣١).
أقول : لو استقرينا هذا القدر من آيات أخرى ، لوقفنا على ما يحملنا على أن نقول : إن دلالة كلمة «بشر» على الكائن الهالك ، الذي من شأنه أن يفنى ويموت.
ألا يحق لنا أن نقف على شيء من مادة «بشر» ، فنجد «البشرة» وهي ظاهر جلد الإنسان التي مصيرها الفناء ، وهي قبل أن تفنى يصيبها التلف ، وهي تتفسّخ بعد الموت! أليس هذا هو الفناء والهلاك؟
أقول : ومن هنا كان لي أن أذهب إلى أن «البشر» هو الفاني.
١١ ـ وقال تعالى : (وَآوَيْناهُما إِلى رَبْوَةٍ ذاتِ قَرارٍ وَمَعِينٍ) (٥٠).
والمعين : الماء الظاهر الجاري على وجه الأرض. وقد اختلف في زيادة ميمه وأصالته ؛ فوجه من جعله مفعولا ، أنه مدرك بالعين لظهوره ، من عانه : إذا أدركه بعينه ، ووجه من جعله