الظرفية «خلال ، أثناء» قولهم : «غضون» والغضون : جمع «غضن» ، وهو ما تغضّن ، أي : تكسّر في الجلد والثوب ونحوهما.
وكما قلنا : في كلمة «أثناء» ، نقول : في هذه الكلمة ، أي : أنها لا تدل على الظرفية الزمانية ، إلا بعد استعمال الأداة «في» ، فنقول : وحدث في غضون ذلك ، والمراد : وحدث في أثناء ذلك أو في خلال ذلك.
وقد نبّه أهل التصحيح ، للخطأ اللغوي ، فقالوا بخطإ قولهم : حدث خلال أو أثناء ، والصحيح عندهم استعمال الأداة «في» قبلهما للدلالة على الظرفية.
والذي أراه : أن الكلمة أو التركيب «في خلال» ، «وفي أثناء» ، لما شاع فيها الدلالة على الظرف ، وعرف حتى غلب على الدلالة في الأصل ، جاز أن يستعمل ظرفين من غير أن يسبقا ب «في» ، التماسا للإيجاز.
وبعد ، ألم نقل : دخل فلان الدار ، والأصل : دخل فيها؟ (١).
١٢ ـ وقال تعالى : (وَإِذا دُعُوا إِلَى اللهِ وَرَسُولِهِ لِيَحْكُمَ بَيْنَهُمْ إِذا فَرِيقٌ مِنْهُمْ مُعْرِضُونَ) (٤٨).
أقول : في قوله تعالى : (إِذا فَرِيقٌ مِنْهُمْ مُعْرِضُونَ) (٤٨) ، جاءت «إذا» التي تفيد الفجاءة ، ويتلوها جملة اسمية ؛ وهذا هو الأسلوب ، الذي جرت عليه لغة التنزيل ، فأمّا قول المعربين في عصرنا وقبله ، بعدة قرون مثلا : خرجت فإذا بي أمام حادثة مروّعة ، فهو أسلوب آخر غير ما جاء في فصيح العربية ، وأولها لغة التنزيل ؛ فقد جرّ الاسم بعدها بالباء ، وقالوا في هذه الباء انها زائدة ، والتقدير : فإذا أنا أمام ...
ومثل هذه الآية قوله تعالى :
__________________
(١). والردّ على من يقول إن «أثناء» لا يمكن أن تكون ظرفا إلا مع الخافض «في» : قوله تعالى : (فَجاسُوا خِلالَ الدِّيارِ) [الإسراء : ٥].
وقوله سبحانه : (وَجَعَلَ خِلالَها أَنْهاراً) [النّمل : ٦١].
و «خلال» هذه مثل «أثناء» ، في كونها جمعا لاسم ، ولكنها رشّحت للظرفية بالخافض ، ثم حذف هذا الخافض لشيوع الظرفية فيها.
ومما تجب ملاحظته ، أن المعاصرين يستعملون «من خلال» بمعنى بوساطة كقولهم مثلا : نحن نتبيّن هذه المسألة من خلال دراستنا لنتائجها ، وهذا القول ترجمة لشيء من الانكليزية.