٩ ـ وقال تعالى : (يَكادُ زَيْتُها يُضِيءُ وَلَوْ لَمْ تَمْسَسْهُ نارٌ) [الآية ٣٥].
أقول : وينبغي أن ننظر إلى هذا الاستعمال البليغ في معناه الرشيق في خفة لفظه ، ألا ترى أننا نقول في مثل هذا في العربية المعاصرة : ... حتى ولو لم يكن له حاجة ، أو نقول : حتى وإن لم تكن له حاجة ...
١٠ ـ وقال تعالى : (وَالَّذِينَ كَفَرُوا أَعْمالُهُمْ كَسَرابٍ بِقِيعَةٍ) [الآية ٣٩].
والقيعة : بمعنى القاع ، ولعلها جمع القاع ، وهو المنبسط المستوي من الأرض وهي مثل جيرة في جار.
أقول : وهذا الجمع في «قاع» من الجموع العزيزة : ذلك أن المشهور المعروف في جمعها : «قيعان».
١١ ـ وقال تعالى : (فَتَرَى الْوَدْقَ يَخْرُجُ مِنْ خِلالِهِ) [الآية ٤٣].
وقوله تعالى : (مِنْ خِلالِهِ) الخلال : جمع خلل مثل جبال وجبل.
وقرئ : من خلله.
وقد جرّت «خلال» ب «من» لبيان الخروج وبدايته. ولتضمن «الخلل» ، و «الخلال» معنى المكانية ، قربت «خلال» من الظرفية التي تقوّى بالحرف «في» فيقال : ومرّ في خلال أو من خلال ذلك ، مثلا.
وقد شاع هذا الاستعمال الذي يومئ إلى الظرفية فاستغني عن الخافض ، فصار المعربون يقولون : «حدث خلال ذلك» ، أي : «في خلال». وقد جدّ في هذا الاستعمال المعاصر ، شيء آخر ، وهو أن الكلمة قد اتّسع فيها ، فدلّت على الظرفية الزمانية ، بعد أن كانت تفيد المكان ، على أن المعاصرين ربما استعملوها للمكان أيضا ، فقالوا مثلا : يجري الماء في خلال الشجر ، أو من خلاله.
ومثل «خلال» هذه ، كلمة «أثناء» ، وهي جمع «ثني» ، وهو اسم يعني ما يثنى من أشياء مختلفة. وليس في «ثني» ولا في «أثناء» ما يفيد الظرفية الزمانية ، ولكن هذه الظرفية استفيدت من استعمال الأداة «في» كقولنا : حدث في أثناء ذلك كيت وكيت.
وعلى عادة المعربين في كل العصور ، يميلون إلى الإيجاز والتخفيف ممّا هو قد عرف واشتهر ، فيقولون : حدث أثناء ذلك كيت وكيت ، فهم يسقطون الأداة «في» إيجازا لمعرفتها.
ومثل هاتين الكلمتين في إفادة