وهذه الرواية تامة سندا وأما من حيث الدلالة فهل تكون دليلا على قاعدة التجاوز أو ناظرة الى قاعدة الفراغ أو ناظرة الى كلتا القاعدتين؟
الظاهر أنها ناظرة الى قاعدة الفراغ إذ الميزان في استفادة المراد من الكلام ما يكون ضابطا كليا ونرى أنه عليهالسلام بعد جواب أسئلة السائل أعطى في الذيل ميزانا كليّا وحكما عاما بقوله : «يا زرارة إذا خرجت من شيء ثمّ دخلت في غيره فشكّك ليس بشيء».
ومن الواضح أن الخروج من الشيء يتوقف على تحققه وحصوله فلا يشمل الشك في أصل الوجود وحمل كلامه على الخروج عن المحل خلاف صريح كلامه روحي فداه لا يصار إليه.
إن قلت : الخروج عن الشيء لا يجتمع مع الشك فيه قلت : إذا كان الشك في صحّة ما خرج منه ، يصدق الخروج مع الشك فيه.
وصفوة القول : إن الميزان بذيل كلامه حيث إنّه عليهالسلام تصدّى من تلقاء نفسه بلا سبق سؤال لإعطاء قاعدة كلية تجري في جميع الموارد فلا بد من الأخذ وإن أبيت وقلت : الصدر يشمل الشك في أصل الوجود وفي صحة الموجود.
قلت : الذيل بصراحته في إرادة قاعدة الفراغ يقيد الصدر.
إن قلت : الظاهر من الصدر الشك في أصل الوجود فيقع التعارض بين الصدر والذيل ولا وجه لتقديم الذيل على الصدر.
قلت : أولا : مقتضى الإطلاق شمول الصدر لكلا الأمرين.
وثانيا : لا بد من رفع اليد عن ظهور الصدر في الشك في أصل الوجود على فرض تسليمه وهذا العرف ببابك فإن للمتكلم أن يلحق بكلامه ما شاء من اللواحق ما دام متشاغلا بالكلام ويرى العرف أنّ الميزان بحسب سوق الكلام بالذيل.