وفيه أنّه قد تقدّم منّا أن ثبوت المدعى في مورد جزئي لا يدل على الكليّة فإن الأحكام الشرعية أمور تعبدية لا تنالها عقولنا : «مه يا أبان السنة إذا قيست محق الدين» (آللهُ أَذِنَ لَكُمْ أَمْ عَلَى اللهِ تَفْتَرُونَ).
ومنها النصوص الواردة في باب القضاء ودلت على اعتبار قول عادلين ويثبت به ادعاء المدعي حتى فيما يكون مورد الدعوى عينا تحت يد الغير فإذا فرض اعتبار شهادة عدلين حتى في قبال الأمارة وتكون الشهادة حاكمة عليها فكيف ببقية الموارد التي لا تكون كذلك.
وبعبارة اخرى : بالأولوية تدل على ثبوت الموضوعات الخارجية كنجاسة لباس زيد وكرّيّة حوض المدرسة الفلانية.
ويرد عليه : أنه لا وجه للأولوية إذ الأولوية إنما تتصور فيما يكون مناط حكم المولى معلوما كما في قوله تعالى حيث نهى عن قول (أُفٍ) بالنسبة الى الوالدين فإن العرف يفهم أن الوجه في النهي التحفظ على كرامتهما فيفهم بالأولويّة أشدّية الشتم والضرب.
وأما في المقام فالملاك عندنا غير معلوم ولعلّ مصلحة قطع النزاع تقتضي الاعتبار بالنسبة الى شهادة عدلين بخلاف المورد الآخر.
الوجه الثالث : الإجماع وعن الجواهر : نفي وجدانه للخلاف في إثبات النجاسة بها ونقل خلاف القاضي وابن البراج والكاتب والشيخ ومع الاختلاف كيف يمكن دعوى الإجماع.
مضافا الى أنّه قد ثبت في الأصول عدم حجية الإجماع لا منقولا ولا محصّلا.
الوجه الرابع : السيرة العقلائية في جميع الأمصار والأعصار فإن سيرتهم جارية على قبول شهادة شخصين غير متهمين ولا معروفين بالكذب ولا مغرضين بالنسبة الى المشهود عليه.