يكون أبو خالد الواسطي في سندها مما يرجح توثيقهم له (١). كما عدّه الطوسي من أصحاب الإمام الباقر (٢).
ويبدو أن سبب الخلاف في صحة ما أورده من أحاديث راجع لاختلاف المذاهب التي يؤمنون بها. فالحديث الذي يرويه الشخص موصولا إلى النبي (ص) أو لأحد صحابته الكرام إذا وافق رأي علماء المذهب يعتبر موثوقا عندهم في كثير من الأحيان. والذي لا يوافق مذهبهم يعتبر غير موثق غالبا. يضاف إلى ذلك أنه عاش في فترة كان فيها الشيعة محاربون وبخاصة من أصحاب زيد بن علي ، وهذا ما يكفي لتوجيه القدح إليه من قبل رجال السلطة ثم إن اختلاف الآراء حول شخص معين ظاهرة مألوفة وبخاصة بعيد عصور تكوّن المذاهب الفقهية. ونرى هذه الظاهرة موجودة بشكل ما حتى عند علماء المدارس اللغوية والنحوية وهذا ما يجعلنا لا نثق تماما بصحة هذا القدح لأنه لم تراع فيه الموضوعية والحياد العلمي. وقد فطن إلى ذلك بعض الباحثين المحدثين (٣).
فإذا تصورنا ـ على أبعد احتمال ـ وجوزنا على سبيل المثال أن ما قدح به كان له بعض الصحة لأن هناك دواعي تسوغ انتحال حديث أو وضعه فإن هذه الدواعي غير موجودة في روايته للكتب اللغوية ، إذ لا مصلحة دينية أو اجتماعية يحصل عليها من ذلك ، فلا توجد هناك دواع لتغيير معان لغوية تفسّر كلمات واردة في القرآن الكريم. والآيات القليلة التي أظهر بها زيد رأيه المذهبي عند تفسيره لها رواها أبو خالد دون تغيير. والدليل على ذلك أنها تخالف ما نقلته المصادر من رأيه ؛ فأبو خالد من فرقة الزيدية الجارودية التي تؤمن بوجود نص خفي على الإمامة على حين أن رأي زيد صريح في كتابه هذا بوجود نص صريح على الإمامة (٤). وهذا ما يجعلنا نزداد ثقة في صحة ما رواه عن زيد في كتابه هذا على الأقل (٥).
أما الراوي الثاني للكتاب فهو أبو زيد عطاء بن السائب بن مالك ويقال ابن السائب بن يزيد بن السائب الثقفي الكوفي تتلمذ على يد أبيه وعلى أبي عبد الرحمن السّلمي ، وأنس بن مالك ، وسعيد بن جبير ، وعكرمة ، والحسن البصري وغيرهم وروى عنه الأعمش ، وسفيان
__________________
(١) انظر علل الشرائع للقمي ١ / ١٣٢ و ١٦٨ و ٣٠٩ والأمالي لابن الشجري ١ / ١٣٧.
(٢) رجال الطوسي ١٣١.
(٣) انظر ما كتبه المستشرق الايطالي جريفني في مقدمة تحقيقه لمجموع الفقه وما بعدهاGriffini ,Corpus ٥٦luris Zaid Ibn Ali ,. وانظر ما نشره في مجلة الهلال في بحثه أول كتاب صنف في الفقه الاسلامي ٣٦ أو ما بعدها ومقدمة بكر محمد عاشور في مسند زيد ٣ وكتاب أصول الحديث ٢١٤ ـ ٢١٥ والإمام زيد ٢٣٥ وغيرها.
(٤) انظر فرق الشيعة ١٩ والفرق بين الفرق ٢٢ والملل والنحل ١ / ١٦٣.
(٥) انظر ترجمة حياة أبي خالد الواسطي في الفهرست لابن النديم ٢٢٠ وتهذيب التهذيب ٨ / ٢٦ ـ ٢٧ وطبقات الزيدية ٤ / ٢٠٩ وما بعدها وطبقات الزهر في أعيان العصر ١٠ وتنقيح المقال ٢ / ٣٣٠.