وأمّا إشكال لزوم أن يكون شيء واحد مرادا ومكروها ، أو محبوبا ومبغوضا ، فمندفع ، بأنّه خلط بين ما بالذّات وما بالعرض ، لوضوح كون ما ذكر من الاوصاف النّفسانيّة المتعلّقة بالصّور الحاكية عن الخارج ، لا بنفس الخارج ، غاية الأمر : أنّ الخارج محبوب أو مبغوض بالعرض.
وكذلك إشكال لزوم كون شيء واحد مقرّبا ومبعدا مندفع ، أيضا.
وجه الاندفاع ؛ هو أنّ القرب هنا يكون أمرا معنويّا ، وكذا البعد ، ولا بدع في كون الواحد مقرّبا ومبعدا من جهات مختلفة منطبقة عليه.
ألا ترى ، أنّ العمل الواحد قد يكون ممدوحا مقرّبا عند العقلاء باعتبار ، وقد يكون مذموما مبعّدا عندهم باعتبار آخر ، وكذلك الشّخص الواحد ، فإنّه قد يكون موردا لمدح العقلاء بما فيه من الخصلة الحسنة ، وقد يكون موردا لذمّهم بما فيه من الخصلة القبيحة ، كما لا بدع ـ أيضا ـ في كون شيء واحد ذا مصلحة ومفسدة ، وذا منفعة ومضرّة من ناحيتين نافعة وضارّة.
هذا كلّه في مقام الجعل والتّشريع وموقف الأمر والنّهي ، وقد عرفت جواز الاجتماع فيه.
وأمّا مقام الامتثال والإطاعة ؛ فقد ذهب الإمام الرّاحل قدسسره إلى الجواز فيه ـ أيضا ـ وحكم بصحّة مثل الصّلاة في الدّار المغصوبة. (١)
ولكنّ الّذي يخطر ببالي الفاتر هو الامتناع في هذا المقام ، فتبطل الصّلاة فيها ، حيث إنّه يعتبر في التّعبّديّات قصد القربة قطعا وإن لم يعتبر فيها قصد الأمر على التّحقيق.
__________________
(١) راجع ، تهذيب الاصول : ج ١ ، ص ٣٢٤.