يكون بمعنى الإرسال وعدم لحاظ شيء أصلا مع الطّبيعة ، بحيث يلحظ نفس الطّبيعة ولا يلحظ معه أمر آخر.
وأمّا مقام الإثبات ، فلا يخفى أنّه لا حاجة في إحراز الإطلاق إلى قرينة ـ ولو كانت هي مقدّمات الحكمة ـ بناء على الوجه الأوّل ؛ وأمّا بناء على الوجهين الآخرين ، فإحراز الإطلاق وأنّ نفس الطّبيعة تمام الموضوع للحكم بلا دخل قيد فيها ، يحتاج إلى قرينة وهي مقدّمات الحكمة.
نعم ، هذا يتمّ على مبنى التّحقيق من عدم المجازيّة بالتّقييد ، كالتّخصيص ، وإلّا فإن شككنا في الإطلاق وعدمه ولم يكن هناك قرينة على التّقييد ، نتمسّك لإحرازه بأصالة الحقيقة.
إذا عرفت هذا الأمر ، فلنشرع البحث في مقدّمات الحكمة ، فنقول : إنّها ـ على ما عن المحقّق الخراساني قدسسره (١) ـ ثلاثة :
الاولى : كون المتكلّم في مقام بيان تمام المراد ، لا الإهمال أو الإجمال.
الثّانية : انتفاء ما يوجب التّعيين.
الثّالثة : انتفاء القدر المتيقّن في مقام التّخاطب.
أمّا الاولى ، فهي دخيلة في انعقاد الإطلاق ، كما هو واضح ـ نظير قوله تعالى : (أَقِيمُوا الصَّلاةَ) و (أَحَلَّ اللهُ الْبَيْعَ) ونحوهما ـ فلو لم يتمكّن المتكلّم من البيان وإتيان القيد ، أو كان متمكّنا ، لكن لم يكن في مقام البيان ، بل كان في مقام الإهمال أو الإجمال ، لم ينعقد هناك إطلاق قطعا ، كما أنّه إذا كان في مقام البيان من بعض النّواحي دون
__________________
(١) راجع ، كفاية الاصول : ج ١ ، ص ٣٨٤.