وفيه : أنّ المراد من الحكم في التّقسيم هي الوظيفة الفعليّة الأعمّ من الواقعيّة والظّاهريّة ، ولا مانع من أن يكون أحد القسمين في طول الآخر ، وله نظائر في التّكوين والتّشريع ، أمّا التّكوين ، فنظير «العدد : إمّا زوج ، أو فرد» و «الموجود : إمّا واجب ، أو ممكن» و «الممكن : إمّا جوهر ، أو عرض» ؛ أمّا التّشريع ، فنظير «الطّهارة : إمّا وضوء ، أو غسل ، أو تيمّم».
ويلحق بهذا الوجه في الضّعف ما أورده قدسسره ـ أيضا ـ على الوجه الأوّل من وجوه العدول الّذي ذكره المحقّق الخراساني قدسسره (وهو عدم اختصاص أحكام القطع بما إذا كان متعلّقا بالأحكام الواقعيّة) بقوله : «وإن كان صحيحا ، إلّا أنّه لا يوجب جعل التّقسيم ثنائيا ، لأنّ جميع الأبحاث المذكورة في الأبواب الثّلاثة غير مختصّ بالحكم الواقعيّ ، بل الحكم الظّاهريّ ـ أيضا ـ قد يتعلّق به القطع ، كما إذا علمنا بحجّيّة خبر قائم على حكم من الأحكام ، وقد يتعلّق به الظّنّ المعتبر ، كما إذا دلّ بحجّيّة الخبر ظاهر الكتاب ـ مثلا ـ وقد يتعلّق به الشّكّ ، كما إذا شككنا في بقاء حجيّة الخبر ، فيجري الاستصحاب». (١)
وجه الإلحاق هو أنّ المحقّق الخراساني قدسسره قد صرّح بتعلّق القطع بحكم ظاهريّ ـ أيضا ـ حيث قال : «إذا التفت إلى حكم فعليّ واقعيّ أو ظاهريّ ، فإمّا يحصل له القطع به ...» ، وتثنية القسمة لا توجب اختصاص أحكام القطع ، ولا الأبحاث المذكورة في الأبواب الثّلاثة ، بالحكم الواقعيّ بعد جعله قدسسره المتعلّق هو الحكم الفعليّ ، وتعميمه صريحا بالواقعيّ والظّاهريّ ، فلا يرد الإشكال على التّثنية من هذه النّاحية.
__________________
(١) مصباح الاصول : ج ٢ ، ص ١٢ و ١٣.