هذا ، مضافا إلى أنّ مثال القطع بالحكم الظّاهريّ بمورد العلم بحجّيّة خبر قائم على حكم ، ممنوع ؛ إذ العلم بحجّيّة هذا الخبر لا يوجب القطع بالحكم ، إلّا إذا كان ذلك الخبر المقطوع حجّيّته نصّا فيه ، ولولاه ، يكون مظنونا لا مقطوعا ، كما هو واضح.
وبالجملة : لا يحصل القطع بالحكم بمجرّد العلم بحجّيّة خبر قائم عليه ، إلّا إذا كان دليله مقطوعا سندا ودلالة.
وكذا يلحق به في الضّعف ـ أيضا ـ ما أورده قدسسره على الوجه الثّاني من وجوه العدول (وهو اختصاص أحكام القطع بالحكم الفعليّ ، وعدم ترتّب أثر على الحكم الإنشائيّ) بأنّ المحقّق الخراساني قدسسره قد خلط بين الإنشاء لا بداعي البعث والزّجر ، وبين الإنشاء بداعي البعث والزّجر ، فإنّ الإنشاء لا بداعي البعث والزّجر ، وإن لم يترتّب عليه أثر ، إلّا أنّه ليس من مراتب الحكم أصلا ؛ بداهة ، أنّ الإنشاء بداعي التّهديد ونحوه ليس إلّا التّهديد ونحوه ، فلا يطلق الحكم عليه ، كما هو واضح.
وأمّا الإنشاء بداعي البعث والزّجر ، فيطلق عليه الحكم وإن لم يبلغ مرتبة الفعليّة ، وله أثر مهمّ وهو جواز الإفتاء به ، فإنّ المجتهد إذا علم بصدور الحكم من المولى وإنشاءه في مقام التّشريع ، له الإفتاء به ولو لم يبلغ مرتبة الفعليّة ، لعدم تحقّق موضوعه في الخارج ، فيفتي ـ مثلا ـ بوجوب الحجّ على المستطيع وإن لم يكن موجودا ، أو يفتي بوجوب قطع يد السّارق وإن لم تتحقّق السّرقة في الخارج ؛ وعليه ، فلا وجه للالتزام بأنّ المراد من الحكم هو خصوص الفعليّ. (١)
وجه الحاق ذلك في الضّعف هو ، أنّ جواز الإفتاء أو عدم جوازه ليس من
__________________
(١) راجع ، مصباح الاصول : ج ٢ ، ص ١٢.