وقد استدلّ عليه بوجوه ، يرجع بعضها إلى منع صغروي ، وبعضها الآخر إلى منع كبروي.
الأوّل : دعوى اختصاص فهم القرآن بمن خوطب به من النّبي صلىاللهعليهوآلهوسلم وذرّيته عليهمالسلام نظرا إلى أنّ ألفاظ القرآن الكريم رموز ، كفواتح السّور ، وكنايات عن مطالب ومقاصد لا يعرفها إلّا النّبي وآله عليهمالسلام.
وتشهد على ذلك روايتان : إحداهما : مرسلة شبيب بن أنس عن أبي عبد الله عليهالسلام أنّه قال لأبي حنيفة : «أنت فقيه العراق؟ قال : نعم ، قال : فبم تفتيهم؟ قال : بكتاب الله وسنّة نبيّه صلىاللهعليهوآلهوسلم ، قال : يا أبا حنيفة! تعرف كتاب الله حقّ معرفته ، وتعرف النّاسخ والمنسوخ؟ قال : نعم ، قال : يا أبا حنيفة! لقد ادّعيت علما ، ويلك ما جعل الله ذلك إلّا عند أهل الكتاب الّذين انزل عليهم ، ويلك ولا هو إلّا عند الخاصّ من ذرّية نبيّنا محمّد صلىاللهعليهوآلهوسلم وما ورثك الله من كتابه حرفا ... يا أبا حنيفة! إذا ورد عليك شيء ليس في كتاب الله ولم تأت به الآثار والسّنّة ، كيف تصنع؟ فقال : أصلحك الله ، أقيس وأعمل فيه برأيي ، فقال : يا أبا حنيفة! إنّ أوّل من قاس إبليس الملعون ، قاس على ربّنا تبارك وتعالى ، فقال : أنا خير منه ، خلقتني من نار وخلقته من طين ، قال : فسكت أبو حنيفة ، فقال : يا أبا حنيفة! أيّما أرجس ، البول أو الجنابة؟ فقال : البول ، فقال : فما بال النّاس يغتسلون من الجنابة ولا يغتسلون من البول؟ فسكت ، فقال : يا أبا حنيفة! أيّما أفضل؟ الصّلاة أم الصّوم؟ قال : الصّلاة ، قال : فما بال الحائض تقضي صومها ولا تقضي صلاتها ، فسكت» (١).
__________________
(١) وسائل الشّيعة : ج ١٨ ، كتاب القضاء والشّهادات ، الباب ٦ من أبواب الصّفات القاضي ، الحديث ٢٧ ، ص ٣٠.