أمّا الإسلام ـ والحمد لله ـ فقد تبنّى فيما شرّعه من أحكام تكليفيّة ووضعيّة جميع شئون الإنسان ، ووضع لها الحلول الحاسمة التي تحسم الداء ، وتقضي على جميع مشاكل الإنسان وأزمات حياته ، ولا تدع أية ثغرة يسلك فيها لإفساد مجتمعه إلاّ سدّها وقضى عليها.
(٣)
وكان من أروع ما قنّنه الإسلام في الاصلاح الاجتماعي والفردي أنّه ربط بين الجماعات الإسلامية ربطا وثيقا ، فآخى بين المسلمين ، وجعل الرابطة الإسلامية أقوى من رابطة النسب والدم ، فجعل المسلم أخا المسلم بجميع ما تنشده هذه الكلمة من معنى ، فأمر كلّ مسلم أن يخلص في الحبّ لأخيه المسلم كما يحبّ لنفسه ، ويكره له ما يكره لنفسه ، وجعل المسلم أخا المسلم عينه ودليله.
ومن المؤكّد إذا سادت هذه الروح الطيّبة بين المسلمين فلا يعقل بأي حال من الأحوال أن تحدث بين المسلمين النزاعات والخصومات ، ولا بدّ أن تغلق أبواب المحاكم ، ويلقى الستار على مكاتب المحامين.
(٤)
ولمّا أقام الرسول صلىاللهعليهوآله دولته الكبرى في يثرب شكّل مجلس القضاء في جامعه الأعظم لأنّه جزء من رسالته الخالدة الهادفة إلى صيانة الحقوق ، وضمان مصالح الناس ، وسيادة العدالة الاجتماعية في البلاد.
وكان النبيّ صلىاللهعليهوآله بنفسه يتولّى القضاء بين الناس ويحكم فيهم بما أنزل الله تعالى ، وقد وضع اسس القضاء وطوّر أساليبه ، وأحكم بحوثه ، ونصّ على وظيفة