المدّعي والمنكر ، وغير ذلك ممّا يتّصل به من شئون ، ويعدّ ذلك من أروع ألوان التطوّر في الحياة الإنسانية.
(٥)
أمّا القضاء الإسلامي ـ بحسب ما قنّن فيه من قيم وبحوث ـ فهو من ذخائر الفكر الإسلامي ، ويعتبره علماء القانون من المناجم التي يقتبسون منها ، ويشرّعون من أحكامه ، فقد أخذت منه اوربا وغيرها الكثير من الأحكام السائدة في محاكمهم وكلّياتهم المتخصّصة في هذا الموضوع.
وكان من أروع ما امتاز به القضاء الإسلامي استقلاله وعدم خضوعه لأيّة سلطة في جهاز الدولة ، وأنّه يجب على جميع الأجهزة أن تخضع لما يصدره من أحكام ومقرّرات ، وأنّ المرجع الأعلى في الدولة يجب عليه أن يحضر أمام القضاء إذا اقيمت عليه دعوى من بعض المواطنين ، وليس له أيّة حصانة.
(٦)
وليس السبب في روعة القضاء الإسلامي وأصالته استقلاله وعدم خضوعه وارتباطه بأيّة سلطة من جهاز الدولة ، وإنّما لما احيط به من أحكام ، قنّنت في منتهى الدقّة والإحكام ، مضافا إلى ما حوته مصادر القضاء من آداب وتعاليم تتعلّق بالقضاة من حيث طاقاتهم العلمية ، وأن يكونوا في أرقى المستويات من حيث النزاهة والعدالة ، فإذا لم تتوفّر فيهم هذه الصفات فليس لهم من سبيل للتصدّي لهذه الوظيفة التي يجب أن تناط بأفضل أهل العلم كفاءة وتحرّجا في الدين.