بِرَبِّهِمْ يُشْرِكُونَ (٣٣) لِيَكْفُرُوا بِما آتَيْناهُمْ فَتَمَتَّعُوا فَسَوْفَ تَعْلَمُونَ (٣٤) أَمْ أَنْزَلْنا عَلَيْهِمْ سُلْطاناً فَهُوَ يَتَكَلَّمُ بِما كانُوا بِهِ يُشْرِكُونَ (٣٥) وَإِذا أَذَقْنَا النَّاسَ رَحْمَةً فَرِحُوا بِها وَإِنْ تُصِبْهُمْ سَيِّئَةٌ بِما قَدَّمَتْ أَيْدِيهِمْ إِذا هُمْ يَقْنَطُونَ (٣٦) أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّ اللهَ يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَنْ يَشاءُ وَيَقْدِرُ إِنَّ فِي ذلِكَ لَآياتٍ لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ (٣٧)) (١) (٢) (٣) (٤) [الرّوم : ٣٠ / ٣٣ ـ ٣٧].
هذا لوم وتقريع لفئتين من الناس : عبدة الأصنام المشركين بالله تعالى غيره ، وبعض الجاحدين الذين يبتغون من وراء عبادة الله تحقيق المنافع ومكاسب الدنيا ، فإن حصلوا على مبتغاهم اطمأنوا ، وإذا حرموا بعض الخيرات ، تبرموا وسخطوا.
إن الفئة الأولى : وهم المشركون الوثنيون كسائر البشر ، متى مسّهم ضرّ (أي شدة وبلاء) دعوا الله سبحانه ، راجعين إليه دون سواه ، خاضعين لسلطانه ، وتركوا الأصنام مطروحة ، فإذا أذاقهم الله رحمته ، أي أصابهم أمره بها ، والذّوق هنا مستعار لإيصال النعمة والنّجاء من الشّدة ، عادوا للشّرك بالله ، وعبدوا معه غيره من الأوثان والأصنام. وهذا يقتضي العجب ، ويستدعي اللّوم.
ويلحق بهؤلاء الانتهازيين النفعيين بعض المؤمنين ، إذا جاءهم فرح بعد شدة ، علّقوا ذلك بمخلوق ، أو بحذق آرائهم ومهاراتهم ، أو بغير ذلك ، وهذا شرك مجازا ، لأن فيه قلة شكر لله تعالى.
وتكون عاقبة هؤلاء المتناقضين الوقوع في الكفر وجحود فضل الإله وإحسانه ، فاستحقّوا التهديد ، ويقال لهم : (فَتَمَتَّعُوا فَسَوْفَ تَعْلَمُونَ) أي استمتعوا أيها المشركون بمتاع الدنيا ورخائها ، فسوف تعلمون عذابي في الآخرة على كفركم في الدنيا.
بل في الواقع لا دليل على صحة ما أنتم عليه من الضلال ، فهل لكم سلطان ، أي
__________________
(١) كتابا وحجة.
(٢) بطروا وأشروا.
(٣) ييأسون من رحمة الله.
(٤) يضيقه على من يشاء بحسب حكمته.