وإذا كان هذا الخطاب بالصبر موجها للنبي صلىاللهعليهوسلم ، فإن المراد به أمته ، فعلى الأمة أن تصبر في تبليغ الدعوة الإسلامية لكل أمم الأرض ، وأن تثبت في بيان أصول الدعوة إلى الإيمان ، لأن حبل الخير متصل دائم إلى يوم القيامة ، وحبل الخير لا يكون إلا بجهود الدعاة إلى الله تعالى.
ولا يضير الداعية إلى ربه أن يقف الكافر الجاحد موقف العناد ، والتكبر ، أو السخرية والاستهزاء ، لأن هذه هي مواقف الجهلة المستبدين ، الذين لا يصغون لنداء العقل والوجدان ، والتأمل في مشاهدات الكون ، الدالة على وجود الله وسلطانه ، وقدرته ، وتوحيده ، وتفرده بالخلق والإيجاد.
إن إشراقة القلب بالإيمان لا تحتاج إلى جهد كبير ، فمن أصغى لنداء العقل الحر السوي ، وتأمل في خزائن الكون وأسراره ، وحاكم محاكمة عقلية سريعة في ربط الأشياء بأسبابها ، سهل عليه الانصياع لقواعد الإيمان الصحيحة ، بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر. ومن وجد حلاوة الإيمان في قلبه ، بادر إلى توسيع آفاق المعرفة بالله وأسمائه وصفاته ، وسارع إلى طاعة الله في كل مأموراته ومنهياته ، وحينئذ يجد السعادة والطمأنينة تغمر قلبه ، وتفيض عليه بالفيوضات الإلهية السخية سخاء لا حدود له.