تفسير سورة لقمان
مزايا القرآن وأهل الإيمان
إن أعظم هدية ثمينة للبشرية هي هدية إنزال القرآن الكريم ، بما اشتمل عليه من بيان الدستور الإسلامي ، والأوامر والنواهي ، وأحكام الشريعة ، وآداب الإنسان وتربيته تربية قويمة ، تصل به إلى شاطئ الأمن والسعادة والاستقرار ، والنجاة من العذاب والمهالك. فمن آمن بالقرآن كلام الله تعالى ، استضاء قلبه بالإيمان ، وأدرك أسرار الحياة الصحيحة ، وعلم بأحوال المستقبل الذي ينتظره ، من غير أن يملك فيه إحداث أي تغيير أو تعديل أو إضافة أو نقص ، لأنه يجد في العقل إرشادا ، وفي النفس استجابة وهوى صحيحا ، وفي السلوك والمنهج أصالة وقوة وسدادا ، وهذا ما أبانته الآيات في مطلع سورة لقمان ، حيث جمع الله في ذلك المطلع بين بيان خصائص القرآن ، وصفات المؤمنين به حق الإيمان ، قال الله تعالى :
(الم (١) تِلْكَ آياتُ الْكِتابِ الْحَكِيمِ (٢) هُدىً وَرَحْمَةً لِلْمُحْسِنِينَ (٣) الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكاةَ وَهُمْ بِالْآخِرَةِ هُمْ يُوقِنُونَ (٤) أُولئِكَ عَلى هُدىً مِنْ رَبِّهِمْ وَأُولئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ (٥)) [لقمان : ٣١ / ١ ـ ٥].
سورة لقمان مكية غير آيتين ، أولهما ـ كما قال قتادة ـ (وَلَوْ أَنَّ ما فِي الْأَرْضِ مِنْ شَجَرَةٍ أَقْلامٌ) [٢٧]. والآيات المكية تعنى بغرس أصول العقيدة الصحيحة ، ونشر الفضيلة ، ومقاومة الرذيلة ، وبيان عيوب المجتمع الجاهلي ، من أجل تجاوز انحرافاته وفوضويته ، والتخلص من سيئاته وموبقاته.