والتقدير ، وفي تحريم الزواج بهن بعد النبي ، وفي غير ذلك هن أجنبيات ، فلا يحل النظر إليهن ، ولا الخلوة بهن ، ولا ارثهن ونحو ذلك.
والقرابة ذوو الأرحام أو العصبات أولى بعضهم ببعض في الميراث وغيره ، وفي منافع بعضهم ، فهم أولى وأحق من بقية المؤمنين المهاجرين والأنصار ، وهذا إبطال لحكم التوارث بالنصرة بعد الهجرة الذي كان مقررا في بداية الأمر ، حيث كانت الشريعة تقرر التوارث بأخوة الإسلام وبالهجرة ، فإنه كان بالمدينة توارث في صدر الإسلام بهذين الوجهين : الهجرة والنصرة.
لكن إذا ذهب الميراث بالتآخي ، بقي حكم الوصية عند الموت ، والإحسان في الحياة ، والصلة والود ، وهذا الحكم وهو توريث ذوي الأرحام حكم من الله تعالى مقرر في اللوح المحفوظ ، لا يبدّل ولا يغير.
ثم أخبر الله تعالى عن ميثاق النبيين بتبليغ الرسالة الإلهية ، والمعنى : اذكر أيها الرسول أننا أخذنا العهد المؤكد على جميع الأنبياء ، وبخاصة أولو العزم منهم ، وهم نوح وإبراهيم وموسى وعيسى ومحمد عليهمالسلام ، أنهم يبلّغون رسالة ربهم إلى أقوامهم. وتخصيص هؤلاء الأنبياء الخمسة بالذكر للتشريف والتعظيم ، لأنهم أصحاب الكتب والشرائع والحروب الفاصلة من أجل التوحيد. وقدّم الله في الآية ذكر محمّد صلىاللهعليهوسلم ، على الرغم من تأخر زمانه ، تشريفا خاصا له أيضا ، وروى ابن جرير الطبري عن قتادة قال : ذكر لنا أن النبي صلىاللهعليهوسلم كان يقول : «كنت أول الأنبياء في الخلق وآخرهم في البعث». وكرّر الله في الآية أخذ الميثاق لمكانته. ووصف الميثاق بأنه غليظ أي شديد : إشعار بحرمة هذا الميثاق وقوته.
وأخذ الميثاق على الأنبياء في التبليغ بعد بعثتهم ، لكي يجعل الله خلقه فرقتين ـ فاللام في «ليسأل» : لام كي وهو الأصوب من جعلها لام الصيرورة ـ فرقة يسألها الله عن