صدقها ، على معنى إقامة الحجة والتقرير ، فتجيب بأنها قد صدقت الله تعالى في إيمانها وجميع أفعالها ، فيثيبها الله على ذلك. وفرقة كفرت ، فينالها ما أعد لها من العذاب الأليم. إن إنزال الشرائع بقصد الاختبار ، ليعرف المؤمنون الصادقون ، ويتميز الكافرون الجاحدون ، بعد اختيار كل فريق اتجاهه. والصدق في هذه الآية : إما المضاد للكذب في القول ، وإما صدق الأفعال واستقامتها.
والكلام مشعر بضرورة اختيار الأفضل ، وهو الإيمان الصحيح لتحقيق النجاة والفلاح ، وترك أضداد الإيمان ، من الكذب والنفاق والشرك والرياء.
أحداث غزوة الخندق
ـ ١ ـ
تجمع الأحزاب والمنافقين
نزلت في سورة الأحزاب آيات بينات في شأن غزوة الخندق وما اتصل بها من أمر بني قريظة في السنة الخامسة من الهجرة ، حيث اجتمع حول المدينة عشرة آلاف أو أكثر ، وهو أكبر تجمع للمشركين واليهود وأهل الكتاب ، للقضاء على النبي صلىاللهعليهوسلم وصحبه ، وهي تظاهرة خطيرة ، بعد إجلاء يهود بني النضير من المدينة ، فخرجوا إلى مكة مستنهضين قريشا إلى حرب رسول الله صلىاللهعليهوسلم ، وجسّروهم على ذلك ، فتجمعت جموع قريش من كنانة وغطفان وبني أسد وأهل نجد وتهامة واليهود ، وتحزبوا وأزمعوا السير إلى المدينة بقيادة أبي سفيان بن حرب ، فعلم النبي صلىاللهعليهوسلم بذلك ، فحفر الخندق حول ديار المدينة وحصّنه ، وكان أمرا لم يعهده العرب ، وإنما كان من أعمال فارس والروم ، وأشار به سلمان الفارسي رضي الله عنه ، وجاء وصف هذه الغزوة في الآيات الآتية :