تفسير سورة فاطر
الخلق دليل القدرة الإلهية
تكثر ادعاءات المغرورين والمتكبرين المشركين ومزاعمهم بأنهم يملكون قدرة معينة : إما فكرية وإما جسدية وإما إبداعية ، وتتبدد كل تلك المزاعم أمام الواقع الأعظم : وهو إيجاد أشياء مادية وروحية حركية معا ، تعمل بفكر منظم ومنطق رتيب. لذا لم نجد حاجة في القرآن الكريم لإثبات وجود الله غير دليل الإيجاد أو الخلق أو الإبداع الإلهي للأشياء بدون سابقة ، وهذا وحده كاف لتتداعى أمامه كل ألوان الغرور والتكبر والشرك ، واستحق هذا أن يحمد الخالق عليه بكل مشتملات الحمد ، ويستغرق هذا جميع الأفعال الشريفة ، فيثبت الكمال لله وحده ، وهذا ما عبّرت عنه الآيات الآتية في مطلع سورة فاطر :
(الْحَمْدُ لِلَّهِ فاطِرِ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ جاعِلِ الْمَلائِكَةِ رُسُلاً أُولِي أَجْنِحَةٍ مَثْنى وَثُلاثَ وَرُباعَ يَزِيدُ فِي الْخَلْقِ ما يَشاءُ إِنَّ اللهَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (١) ما يَفْتَحِ اللهُ لِلنَّاسِ مِنْ رَحْمَةٍ فَلا مُمْسِكَ لَها وَما يُمْسِكْ فَلا مُرْسِلَ لَهُ مِنْ بَعْدِهِ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ (٢) يا أَيُّهَا النَّاسُ اذْكُرُوا نِعْمَتَ اللهِ عَلَيْكُمْ هَلْ مِنْ خالِقٍ غَيْرُ اللهِ يَرْزُقُكُمْ مِنَ السَّماءِ وَالْأَرْضِ لا إِلهَ إِلاَّ هُوَ فَأَنَّى تُؤْفَكُونَ (٣) وَإِنْ يُكَذِّبُوكَ فَقَدْ كُذِّبَتْ رُسُلٌ مِنْ قَبْلِكَ وَإِلَى اللهِ تُرْجَعُ الْأُمُورُ (٤)) (١) (٢) [فاطر : ٣٥ / ١ ـ ٤].
__________________
(١) أي خالقهما ومبدعهما ابتداء لا على مثال سبق ، من الفطر : وهو الشق ، أي شق الشيء بإخراج السماء والأرض منه.
(٢) أي كيف تصرفون عن الإيمان إلى الكفر؟