لله تعالى جميع أنواع المحامد والشكر الخالص على نعمه ، فكلمة (الْحَمْدُ) الألف واللام لاستغراق الجنس على أتم عموم ، والشكر بعض أنواع الحمد ، فيشمله ، وحمده تعالى لأنه سبحانه مبتدئ خلق السماوات والأرض ، مما يدل على وجوده ، وتمام قدرته ، واتصافه بالكمال وحده ، فهو إذن قادر على إعادة الخلق أحياء مرة أخرى.
والله تعالى جاعل الملائكة وسائط بينه وبين أنبيائه لتبليغ رسالاته وغير ذلك ، فقد جعلهم رسلا بالوحي ونحوه من الأوامر ، ومنهم جبريل وميكائيل وعزرائيل وإسرافيل ، ومنهم الملائكة المتعاقبون المتناوبون لتنفيذ أوامر الله ، ومنهم المسدّدون لحكام العدل وغيرهم ، وقد خلقهم الله ذوي أجنحة متعددة ، بعضهم له جناحان ، وبعضهم له ثلاثة ، وبعضهم له أربعة ، وبعضهم له أكثر من ذلك وهم شذوذ ، ينزلون بها من السماء إلى الأرض ، ويعرجون بها من الأرض إلى السماء. فقوله تعالى : (مَثْنى وَثُلاثَ وَرُباعَ) ألفاظ معدولة من اثنين وثلاثة وأربعة ، فهي ممنوعة من الصرف للعدل والتعريف.
وليس هذا بمستغرب أو ببدع في قدرة الله تعالى ، فإنه يزيد في خلقه ما يشاء ، من أجنحة وغيرها ، كملاحة العين ، وجمال الأنف ، وحلاوة الفم ، وحسن الصوت ، إن الله تام القدرة في خلق الزيادة المادية الحسية والمعنوية ، فلا يعجز عن شيء.
وبالإضافة إلى تمام القدرة الإلهية ، فإنه سبحانه نافذ الإرادة والمشيئة والأمر ، فما يعطي الله تعالى من خير أو نعمة حسية كرزق ، ومطر ، وصحة ، أو معنوية ، كأمن وعلم ، ونبوة وحكمة ، فلا مانع له ، وما يمنع من ذلك ، فلا يقدر أحد أن يرسله من بعد إمساكه من الله ، بيده الخير كله ، والله هو القوي الغالب القاهر ، الحكيم في قوله وفعله وتدبيره ، يضع كل شيء في موضعه المناسب له. فقوله : (مِنْ رَحْمَةٍ) عام