أو المقارنة بين الفريقين ، لعلو درجة المؤمنين ، ودنوّ رتبة الكافرين الذين زيّن لهم سوء عملهم ، وهذا ما أخبر عنه القرآن الكريم في الآيات الآتية :
(يا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّ وَعْدَ اللهِ حَقٌّ فَلا تَغُرَّنَّكُمُ الْحَياةُ الدُّنْيا وَلا يَغُرَّنَّكُمْ بِاللهِ الْغَرُورُ (٥) إِنَّ الشَّيْطانَ لَكُمْ عَدُوٌّ فَاتَّخِذُوهُ عَدُوًّا إِنَّما يَدْعُوا حِزْبَهُ لِيَكُونُوا مِنْ أَصْحابِ السَّعِيرِ (٦) الَّذِينَ كَفَرُوا لَهُمْ عَذابٌ شَدِيدٌ وَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ لَهُمْ مَغْفِرَةٌ وَأَجْرٌ كَبِيرٌ (٧) أَفَمَنْ زُيِّنَ لَهُ سُوءُ عَمَلِهِ فَرَآهُ حَسَناً فَإِنَّ اللهَ يُضِلُّ مَنْ يَشاءُ وَيَهْدِي مَنْ يَشاءُ فَلا تَذْهَبْ نَفْسُكَ عَلَيْهِمْ حَسَراتٍ إِنَّ اللهَ عَلِيمٌ بِما يَصْنَعُونَ (٨)) (١) [فاطر : ٣٥ / ٥ ـ ٨].
أبانت آيات سورة فاطر في مطلعها ثلاثة أصول إيمانية : الأول ـ التوحيد الإلهي ، والثاني ـ الرسالة النبوية ، وهذا مما سبق بيانهما ، والثالث ـ الحشر والبعث ، وهذا موضوع الآيات المذكورة هنا.
يعظ الله تعالى جميع العالم ، ويحذرهم غرور الدنيا بنعيمها وزخرفها ، وينبّههم إلى عالم المعاد ، فإن وعد الله بالبعث والجزاء حق ثابت لا شك فيه ، والمعاد كائن لا محالة ، بما فيه من خير ونعيم ، أو عذاب مقيم ، فلا تلتهوا بمغريات الدنيا ولذائذها عن العمل للآخرة ، ولا يغرنكم الشيطان بالله ، فيجعلكم في أوهام وآمال خيالية ، ولا تلهينكم الحياة الدنيوية.
إن عداوة الشيطان لكم أيها البشر عداوة قديمة ظاهرة ، فعادوه أنتم عداوة شديدة ، وخالفوه بطاعة الله ، واجتنبوا إغراءه بمعاصي الله ونواهيه ، فعداوته : بالمباينة والمقاطعة ، والمخالفة له : باتباع الشرع.
إنما يريد الشيطان إضلالكم حتى يوصلكم معه إلى عذاب النار الشديد. ويدعو
__________________
(١) هو الشيطان.