فهدّدهم أهل القرية بقولهم : لقد تشاءمنا منكم ، ولم نر خيرا في عيشنا معكم ، ولئن لم تنتهوا عن دعوتكم هذه ، لنرجمنكم بالحجارة ، وليصيبنكم منا عذاب مؤلم شديد.
فأجابهم الرسل الثلاثة : شؤمكم مردود عليكم ، وهو مصاحب لكم ، وسببه تكذيبكم وكفركم بربكم ، ولسنا نحن ، بل أنتم قوم مسرفون في الضلال ، متجاوزون الحد في مخالفة الحق.
ثم أيدّهم الله بنصير من القوم ، فجاء رجل مؤمن بالله وبالرسل ، من أبعد أطراف المدينة يسرع المشي لما سمع بخبر الرسل ، وهو حبيب النجار في رواية عن أبي مجلز وكعب الأحبار وابن عباس ، فقال ناصحا قومه : يا قوم ، اتبعوا رسل الله فيما أتوكم به ، لإنقاذكم من الضلال ، اتبعوا هؤلاء الذين لا يطلبون منكم أجرا ماليا على إبلاغ الرسالة ، فهم مخلصون في عملهم ودعوتهم ، وهم جماعة مهتدون إلى الحق والإيمان الصحيح بعبادة الله وحده لا شريك له.
وإني أحب لكم ما أحب لنفسي ، وأنا ما الذي يمنعني من عبادة الله الذي خلقني ، وإليه رجوعي ومصيري يوم المعاد؟ وفي هذا ترغيب بعبادة الله تعالى وترهيب من عقابه ، والدليل على سلامة منهجي في الاعتقاد والعبادة : كيف أتخذ من دون الله آلهة أخرى ، لا تضر ولا تنفع ، وهي عبادة الأصنام؟ وهذا استفهام إنكار وتوبيخ ، فلن أتخذ من دون الله آلهة ، فإنه إن أرادني الله الرحمن بسوء أو ضرر ، لم تنفعني شفاعة هذه الأصنام التي تعبدونها ، ولا تنقذني من أي سوء. إن اتخذت هذه الأصنام آلهة من دون الله ، فإني في الحقيقة والواقع في خطأ واضح ، وانحراف بيّن عن الحق ، إني صدّقت بربكم الذي أرسلكم أيها الرسل ، فاشهدوا لي بذلك عنده. فلما قال ذلك ، قتله قومه.