فقيل له : ادخل الجنة ، لاستشهادك في سبيل إعلاء كلمة الحق ، فدخلها ، فلما عاين نعيمها ، قال محبا لإنقاذ قومه : يا ليت قومي يعلمون بمآلي وحسن حالي ، فيؤمنوا بالله مثل إيماني.
ثم خاطب الله نبيه متوعدا لقريش : لم نحتج في تعذيب القوم إلى جند من جنود الله كالحجارة والغرق والريح وغير ذلك ، بل كانت صيحة واحدة من أحد الملائكة ، دمرتهم ، لأنهم كانوا أيسر وأهون من ذلك ، فصاروا بهذه الصيحة موتى هامدين.
بعض أدلة القدرة الإلهية
عني القرآن الكريم عناية شديدة بإثبات البعث (اليوم الآخر) بإيراد مظاهر أو أدلة على القدرة الإلهية الفائقة ، إما بإهلاك الظالمين هلاكا استئصاليا ، من الأقوام الغابرين ، ثم يحضرهم الله للحساب ، وإما بإحياء الأرض الميتة بالمطر وإيجاد البساتين اليانعة وتفجير الأنهار فيها ، وإما بسلخ النهار من الليل ، أو بتسيير الشمس والقمر في مدارهما ، أو بحمل الآباء والذرية في السفن ، حفاظا على الوجود الإنساني ، وغير ذلك ، قال الله تعالى موضحا هذه الأدلة :
(يا حَسْرَةً عَلَى الْعِبادِ ما يَأْتِيهِمْ مِنْ رَسُولٍ إِلاَّ كانُوا بِهِ يَسْتَهْزِؤُنَ (٣٠) أَلَمْ يَرَوْا كَمْ أَهْلَكْنا قَبْلَهُمْ مِنَ الْقُرُونِ أَنَّهُمْ إِلَيْهِمْ لا يَرْجِعُونَ (٣١) وَإِنْ كُلٌّ لَمَّا جَمِيعٌ لَدَيْنا مُحْضَرُونَ (٣٢) وَآيَةٌ لَهُمُ الْأَرْضُ الْمَيْتَةُ أَحْيَيْناها وَأَخْرَجْنا مِنْها حَبًّا فَمِنْهُ يَأْكُلُونَ (٣٣) وَجَعَلْنا فِيها جَنَّاتٍ مِنْ نَخِيلٍ وَأَعْنابٍ وَفَجَّرْنا فِيها مِنَ الْعُيُونِ (٣٤) لِيَأْكُلُوا مِنْ ثَمَرِهِ وَما عَمِلَتْهُ أَيْدِيهِمْ أَفَلا يَشْكُرُونَ (٣٥) سُبْحانَ الَّذِي خَلَقَ الْأَزْواجَ كُلَّها مِمَّا تُنْبِتُ الْأَرْضُ وَمِنْ أَنْفُسِهِمْ وَمِمَّا لا يَعْلَمُونَ (٣٦) وَآيَةٌ لَهُمُ اللَّيْلُ نَسْلَخُ مِنْهُ النَّهارَ فَإِذا هُمْ مُظْلِمُونَ (٣٧) وَالشَّمْسُ تَجْرِي لِمُسْتَقَرٍّ لَها ذلِكَ تَقْدِيرُ الْعَزِيزِ الْعَلِيمِ (٣٨) وَالْقَمَرَ قَدَّرْناهُ مَنازِلَ حَتَّى