وأضافوا قائلين للناصحين لهم : ما أنتم في طلب الإنفاق منا إلا في خطأ واضح ، وانحراف عن جادة الهدى والرشاد.
وسبب هذه الآية : أن كفار قريش لما أسلم حواشيهم من الموالي وغيرهم من المستضعفين ، قطعوا عنهم نفقاتهم وجميع صلاتهم ، فطلب منهم المؤمنون أيام الموادعة أن يصلوهم ، وأن ينفقوا عليهم مما رزقهم الله ، فقالوا : (أَنُطْعِمُ مَنْ لَوْ يَشاءُ اللهُ أَطْعَمَهُ) ونسوا واجب التعاطف وتألف الجنس.
وتراهم ينكرون البعث (القيامة) فيقولون للمؤمنين استعجالا له بطريق الهزء والسخرية : متى يأتي هذا الوعد بالبعث الذي وعدتمونا به ، وتهددونا به ، إن كنتم صادقين في ادعائكم ووعيدكم؟
فأجابهم الله تعالى ، إنهم لا ينتظرون لإيجاد القيامة والعذاب إلا نفخة واحدة في الصور ، هي النفخة الأولى : نفخة الفزع التي يموت بها جميع المخلوقات ، وهم يختصمون فيما في شؤون المال ، والاقتصاد ، وعقود المعاملات. وفي تلك النفخة السريعة الأثر التي يعقبها الموت فورا ، لا يستطيع بعضهم الوصية لبعض بأملاكه وديونه ، بل يموتون في أماكنهم ، ولا يتمكنون من الرجوع إلى ديارهم التي خرجوا منها.
ثم أخبر الله تعالى عن النفخة الثانية : وهي نفخة البعث والانتشار من القبور ، فإذا نفخ في الصور نفخة ثانية للبعث والنشور ، فإذا جميع المخلوقات يخرجون من القبور ، يسرعون المشي إلى لقاء ربهم للحساب والجزاء.
وإذا وجدوا في ساحة البعث والحساب ، قال هؤلاء المبعوثون : يا هلاكنا ، من الذي بعثنا من قبورنا بعد موتنا؟ وكانوا لا يعتقدون أنهم يبعثون من قبورهم ، وقدّروا أنهم كانوا في قبورهم نياما ، ولما جوبهوا بالحقيقة المرّة ، والواقع المحفوف