بالمخاطر والأهوال قالوا : هذا الذي وعد به الرحمن ، وصدق الرسل المرسلون في الإخبار عنه ، أي إنهم أقروا بصدق الرسل في يوم لا ينفع فيه التصديق.
ثم وصف الله سرعة البعث بأنها ما هي إلا صيحة واحدة : وهي صيحة القيامة والنفخة الثانية في الصور ، فإذا هم أحياء مجموعون لدى الله بسرعة للحساب والجزاء ، كما جاء في آية أخرى : (فَإِنَّما هِيَ زَجْرَةٌ واحِدَةٌ (١٣) فَإِذا هُمْ بِالسَّاهِرَةِ) (١٤) [النازعات : ٧٩ / ١٣ ـ ١٤]. وقال الله تعالى : (وَما أَمْرُ السَّاعَةِ إِلَّا كَلَمْحِ الْبَصَرِ أَوْ هُوَ أَقْرَبُ) [النحل : ١٦ / ٧٧].
ثم يكون القضاء العدل الحاسم ، ففي يوم القيامة لا تبخس نفس شيئا من عملها مهما قلّ ، ولا توفوّن أيها الناس إلا ما عملتم من خير أو شر ، كما قال الله سبحانه : (وَنَضَعُ الْمَوازِينَ الْقِسْطَ لِيَوْمِ الْقِيامَةِ فَلا تُظْلَمُ نَفْسٌ شَيْئاً وَإِنْ كانَ مِثْقالَ حَبَّةٍ مِنْ خَرْدَلٍ أَتَيْنا بِها وَكَفى بِنا حاسِبِينَ) (٤٧) [الأنبياء : ٢١ / ٤٧].
أهل الجنة وأهل النار
كل عامل يلقى ثمرة عمله ، إن خيرا فخير ، وإن شرا فشر ، فلا يستغربن أحد أن نتيجة عمله تلازم العمل ، وتكون هي الغاية والهدف ، فالمحسن الصالح يتلقى من ربه الكريم ثوابا صالحا بفضل الله وكرمه ورحمته ، والمسيء المفسد يجازى بسوء فعله وقوله وفساده ، حقا وعدلا ، وهذا مثل الطالب الذي يعدّ نفسه للامتحان ، إن اجتهد وأتقن دراسته ، ووعى وفهم وتمثل ما قرأه ، وصلح حاله واتقى ربه في كل شؤونه ، نجح وتباهي أمام الناس ، وإن تكاسل وفرط ، ونام ، وأضاع وقته في اللهو والفساد ، ولم يدرس كتابه دراسة وافية ، رسب وذلّ وتصاغر أمام الآخرين. وهذا هو قانون الله في الدنيا والآخرة ، قال الله تعالى :