هذا إبطال مذهب الجبرية والقدرية. أخرج الثعلبي عن أبي هريرة عن النبي صلىاللهعليهوسلم أنه قال : «إن الله خالق كل صانع وصنعته». ولفظ حذيفة عند البيهقي : «إن الله عزوجل صنع كل صانع وصنعته ، فهو الخالق ، وهو الصانع سبحانه».
فتواطأ قوم إبراهيم على قتله ، وقالوا : ابنوا له بنيانا واسعا ، وأضرموا فيه نارا عظيمة ، ثم ألقوه في تلك النار المستعرة. فأرادوا به سوءا بحيلة ومكر ، فأنجاه الله تعالى ، وجعل النار بردا وسلاما عليه ، ونصره الله عليهم ، وجعلهم مغلوبين أذلة بإبطال كيدهم ، ومعاقبين على أفعالهم.
ولما نجا إبراهيم عليهالسلام من إحراق النار ، وأيس من إيمان قومه ، قال : إني مهاجر من بلد قومي الذين آذوني ، تعصبا للأصنام ، وتكذيبا لرسله ، إلى حيث أمرني بالمهاجرة إليه ، وسيهديني الله لما فيه صلاح ديني ودنياي ، وذلك إلى بلاد الشام المقدسة. رب هب لي ولدا صالحا عونا على طاعتك ، وإيناسا في الغربة. فبشره الله بغلام متميز بالحلم الكثير ، وهذا الغلام هو إسماعيل عليهالسلام ، فإنه أول ولد بشرّ به إبراهيم عليهالسلام ، وهو أكبر من إسحاق باتفاق المسلمين وأهل الكتاب.
الذبيح إسماعيل عليهالسلام
بعد أن ترك إبراهيم الخليل عليهالسلام ديار قومه عبدة الأصنام ، وهاجر من أرض بابل حيث كانت مملكة نمرود إلى بلاد الشام ، بشره الله بغلام حليم ، وهو إسماعيل عليهالسلام الابن الأكبر لإبراهيم ، ولما كبر إسماعيل وشبّ وبلغ ابن ثلاث عشرة سنة ، امتحن الله تعالى الأب إبراهيم والابن إسماعيل بقصة الذبح ، وأعقب ذلك الامتحان بشارة أخرى بإسحاق نبيا من الصالحين ، مباركا عليه وعلى إبراهيم ،