الأدب ، وكظم الغيظ ، والسماحة في القضاء ، والاقتضاء ، وغير ذلك. وهذه آية جمعت مكارم الأخلاق ، وأنواع الحلم. قال ابن عباس رضي الله عنهما : إذا فعل المؤمن هذه الفضائل ، عصمه الله تعالى من الشيطان ، وخضع له عدوه ، ولا شك أن السّلام : هو مبدأ الدفع بالتي هي أحسن. فإذا كان بينك وبين غيرك عداوة ، فقابلت الإساءة بالإحسان ، صار العدو كالصديق.
وما يتقبل هذه الوصية أو الموعظة ويعمل بها ، ويروّض نفسه على هذه الخصلة :
وهي دفع السيئة بالحسنة إلا الذين صبروا على كظم الغيظ ، واحتمال المكروه ، والصبر شاق على النفوس ، والصبر على الطاعات وعن الشهوات جامع لخصال الخير كلها. وكذلك لا يتقبل هذه الوصية إلا ذو نصيب وافر من السعادة في الدنيا والآخرة ، وذو حظ في الثواب والخير ، والآية مدح للصابرين ووعد لهم بالجنة.
وطريق التغلب على أهواء النفس ونزواتها هو الاستعاذة بالله من الشيطان الرجيم ، فإن وسوس إليك الشيطان ، وحاول صرفك عن الدفع بالتي هي أحسن ، وزيّن لك أن تقابل السيئة بمثلها ، فاستعذ بالله من شره ، والتجئ إلى الله لكفّه عنك ورد كيده ، فالله هو السميع لاستعاذتك منه ، والتجائك إليه ، العليم بوساوس الشيطان ، وبما يعزم عليه الإنسان.
وقد كان رسول الله صلىاللهعليهوسلم إذا قام إلى الصلاة يقول ـ فيما رواه أحمد والترمذي ـ عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه : «أعوذ بالله السميع العليم من الشيطان الرجيم ، من همزه ونفخه ونفثه». ولما انتصر أبو بكر لنفسه من رجل شتمه ، قام النبي صلىاللهعليهوسلم من المجلس وقال لأبي بكر : «إنه أي (حين سكوتك) كان يرد عنك ملك ، فلما قربت تنتصر ، ذهب الملك ، وجاء الشيطان ، فما كنت لأجالسه».