أي إن الذي ينبغي أن يقاس على هذه الآية في مجال إيجاد الأحياء النباتية ، إنما هو إحياء الموتى ، فإن الله هو الرب القدير الذي لا يعجزه شيء في الأرض ولا في السماء. والشيء في اللغة : هو الموجود. وهذا دليل حسي مشاهد ، نبّه عليه القرآن الكريم للتوصل إلى الإيمان بقدرة الله على البعث والإحياء بعد الإماتة ، والركود في القبور ، وإن الذي يجب الانتباه له : هو قدرة الله تعالى الخالق ، في ابتداء الخلق ، وإعادته وانتهائه ، وفي كل وقت وحال.
وبعد هذا البيان الإلهي لا يبقى عذر لأحد في خطأ الاعتقاد ، وعبادة غير الله سبحانه ، والتماس الخير والنفع من غير الله القادر ، أو منع الضرر والشر من عبيد الله ومخلوقاته. ألا إنها عظة وذكرى لمن كان له قلب وعقل ووعي ، وألقى السمع وتنبه ، وهو شهيد ، أي صرف سمعه إلى هذه الأنباء الواعظة وانتبه في سماعها.
الميل والإعراض عن القرآن
عجيب أمر الإنسان ، يرى الحق ويشاهده ، ويلمس فائدة الاستقامة وجدواها ، وطريق النجاة والسلامة ، ومع ذلك يعرض عنه ، ويميل إلى غيره من ألوان الباطل والانحراف ، متأثرا بأهوائه وشهواته ، مؤثرا نفعا عاجلا في ظنه ، ولكنه في الواقع هو عين الهلاك والضياع. وما مثله إلا كمثل المريض الأحمق ، ينصحه الطبيب بتناول دواء معين ، فيتركه ويهمله ، إلى أن يلقى حتفه ونهايته ، وهكذا بعض الناس يلحدون في القرآن ، أي يميلون عنه وعن توجيهاته ، وهو الحق الأبلج ، والصواب الأسدّ ، ويتجهون إلى غيره ، وهو الباطل اللجلج ، والخطأ البين. وهذا ما أبانته الآيات الآتية :