مسعود فيما رواه أحمد والحاكم وغيرهما : «إن الله قسم بينكم أخلاقكم ، كما قسم أرزاقكم ، وإن الله يعطي المال من يحبّ ومن لا يحبّ ، ولا يعطي الإيمان إلا من يحبّ».
والمعنى : إن الذين فتنوا بقارون انتبهوا ، فتكلموا على قدر علمهم ، فقالوا : على جهة التعجب والتّندّم : إن الله يبسط الرزق ويضيّقه بحسب مراده.
ولو لا لطف الله بنا ، وإحسانه إلينا ، لخسف بنا الأرض ، كما خسف بقارون ، لأنا تمنّينا أن نكون مثله ، بل إن الله لا يحقق الفوز والنجاح للكافرين به ، المكذبين رسله ، المنكرين ثواب الله وعقابه في الآخرة ، مثل قارون ونحوه من عتاة الناس ، وطغاة المال ، ومردة العصاة من الإنس والجنّ.
العاقبة للمتّقين
العبرة في الأفعال والأعمال والتّصرفات كلها إنما هي في الغاية والهدف ، لأن تصرّفات العقلاء تهدف إلى تحقيق غاية ، وإنجاز مطلوب ، وهكذا الشأن بين الدنيا والآخرة ، الدنيا مزرعة الآخرة ، والآخرة هدف العاملين العاقلين ، فمن أحسن العمل في الدنيا ، لقي العاقبة الحسنة في الآخرة ، ومن أساء العمل في الدنيا ، وجد أمامه النتيجة الوخيمة والخسارة المحقّقة ، فلكلّ جزاء عمله حقّا وعدلا ، وثوابا مكافئا ، وعقابا مناسبا ، وتكون موازين الحساب واضحة ، والنهاية مؤكدة ومعروفة ، لذا كان القرآن الكريم خير واعظ ، وأخلص ناصح ، يبين الأشياء قبل وقوعها ، ويحدّد الأسباب والغايات المرجوة قبل حصولها ، قال الله تعالى مبيّنا ذلك :
(تِلْكَ الدَّارُ الْآخِرَةُ نَجْعَلُها لِلَّذِينَ لا يُرِيدُونَ عُلُوًّا فِي الْأَرْضِ وَلا فَساداً وَالْعاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ (٨٣) مَنْ جاءَ بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ خَيْرٌ مِنْها وَمَنْ جاءَ بِالسَّيِّئَةِ فَلا يُجْزَى الَّذِينَ عَمِلُوا السَّيِّئاتِ إِلاَّ ما كانُوا يَعْمَلُونَ (٨٤)) [القصص : ٢٨ / ٨٣ ـ ٨٤].