ثم توعّد إبراهيم عليهالسلام كل كافر ، فإن كل الذين كفروا بدلائل وحدانية الله وقدرته وما أرسل به رسله ، وكفروا بالمعاد ، أولئك لا نصيب لهم من رحمة الله ، بسبب كفرهم ، ولهم عذاب مؤلم شديد.
موقف قوم إبراهيم من دعوته
لا ينتظر بعد تقديم إبراهيم الخليل مختلف الأدلّة على أصول دعوته من توحيد الله ، وإرسال الرّسل ، وبعث العباد أن نجد جوابا مقنعا لدى القوم الذين استبدّوا واستكبروا ، وبغوا وعاندوا ، واعتمدوا على التهديد والوعيد ، ولكن الله تعالى نجى إبراهيم من النار ، فأعاد الكرة عليهم بتوبيخهم على سوء الاعتقاد وعبادة الأصنام ، وتفرّق الصّف وتشتّت الأحوال يوم القيامة. ولما نجى إبراهيم من النار ، آمن به ابن أخيه لوط عليهالسلام ، وأنعم الله على إبراهيم بإسحاق ويعقوب ، وبجعل النّبوة والكتب المنزلة في ذرّيّته ، وإيتاء أجره في الدنيا والآخرة ، قال الله تعالى مبيّنا هذه المفاجئات.
(فَما كانَ جَوابَ قَوْمِهِ إِلاَّ أَنْ قالُوا اقْتُلُوهُ أَوْ حَرِّقُوهُ فَأَنْجاهُ اللهُ مِنَ النَّارِ إِنَّ فِي ذلِكَ لَآياتٍ لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ (٢٤) وَقالَ إِنَّمَا اتَّخَذْتُمْ مِنْ دُونِ اللهِ أَوْثاناً مَوَدَّةَ بَيْنِكُمْ فِي الْحَياةِ الدُّنْيا ثُمَّ يَوْمَ الْقِيامَةِ يَكْفُرُ بَعْضُكُمْ بِبَعْضٍ وَيَلْعَنُ بَعْضُكُمْ بَعْضاً وَمَأْواكُمُ النَّارُ وَما لَكُمْ مِنْ ناصِرِينَ (٢٥) فَآمَنَ لَهُ لُوطٌ وَقالَ إِنِّي مُهاجِرٌ إِلى رَبِّي إِنَّهُ هُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ (٢٦) وَوَهَبْنا لَهُ إِسْحاقَ وَيَعْقُوبَ وَجَعَلْنا فِي ذُرِّيَّتِهِ النُّبُوَّةَ وَالْكِتابَ وَآتَيْناهُ أَجْرَهُ فِي الدُّنْيا وَإِنَّهُ فِي الْآخِرَةِ لَمِنَ الصَّالِحِينَ (٢٧)) (١) (٢) [العنكبوت : ٢٩ / ٢٤ ـ ٢٧].
__________________
(١) للتّواد بينكم.
(٢) مكان إيوائكم النّار.