واذكر أيها النّبي عادا وثمود ، أما قبيلة عاد فكانوا يسكنون الأحقاف قرب حضرموت في بلاد اليمن ، أرسل الله إليهم هودا عليهالسلام ، فنصحهم وأنذرهم ، فلم يصدّقوه وآذوه ، فأرسل الله عليهم ريحا صرصرا ، دمّرت ديارهم وأبادتهم.
وأما قبيلة ثمود : فكانوا يسكنون في الحجر قريبا من وادي القرى ، بين الحجاز والشام ، وما تزال مدائنهم ظاهرة إلى اليوم ، أرسل الله إليهم النّبي صالحا عليهالسلام ، فدعاهم مثل هود عليهالسلام إلى عبادة الله وحده ، فلم يستجيبوا ، وزيّن لهم الشيطان أعمالا سيئة ، فكفروا بالله تعالى ، واجترحوا السيئات ، ومنعوا الناس عن الدّين الحقّ والطريق القويم ، وكانوا أهل عقل وبصيرة ، لكنهم لم يؤمنوا بربّهم ، ولم ينتفعوا بطاقات فكرهم وقلوبهم ، فعاقبهم الله ، وأهلكهم بالطاغية أو الصيحة الشديدة ، وبادوا ، وبقيت آثار ديارهم عبرة لكل مارّ عليها.
وأهلك الله تعالى قارون بالخسف وتدمير دياره ، وفرعون وهامان وزيره بالإغراق في البحر الأحمر ، وقد أرسل الله لهم موسى عليهالسلام ، فدعاهم إلى توحيد الله عزوجل وترك عبادة الأوثان ، وأتاهم بالآيات الواضحات والمعجزات الظاهرة كالعصا التي تنقلب حيّة عظيمة ، واليد التي يدخلها في فتحة قميصه ، فتصير ذات إشعاع كالشمس أو القمر ، فاستكبروا عن الطاعة لله وعبادته ، ولم يكونوا مفلتين من العذاب والأخذ ، ولا قادرين على الهرب من العقاب ، بل أدركهم أمر الله تعالى وبطشه ، وصاروا عبرة للمعتبر ، وعظة لكل ناظر.
إن هؤلاء الأقوام جوزوا بما يناسبهم من ألوان العذاب ، وكانت عقوباتهم إما بالريح العاصفة كقوم عاد التي دمرتهم ، وإما بالصيحة أو الرّجفة كقوم ثمود وقوم لوط ، وإما بالخسف كقارون الطاغية ، وإما بالإغراق في البحر كفرعون المتألّه الجبّار ، ووزيره هامان الماكر ، كل عقوبة تطابق ألوان الظلم الصادرة من أصحابها ،