الانتهاء إليه ، وهو قيام القيامة ، فإذا حلّ الأجل ، تبدّلت معالم الأرض والسماء ، ولكن أكثر الناس ، وبخاصة الكفار ، هم جاحدون لقاء الله تعالى ، منكرون وجود البعث والحساب ، لأنهم لم يتفكروا في ذواتهم وحواسّهم ، ليستدلّوا بذلك على الخالق المبدع.
المراد من هذه الآية : وصف الكافرين المشركين بالغفلة والإعراض عن أمر الآخرة ، ثم توبيخهم على أنهم قد فكّروا تفكيرا مغلوطا أو خطأ ، فلم ينفعهم الفكر والنظر ، لأنه لم يكن على سداد وصواب.
وقوله تعالى : (إِلَّا بِالْحَقِ) يراد به بسبب المنافع التي هي حق وواجب ، تدلّ على وجود الله وعبادته وحده على الدوام ، والإعتبار بمنافع الأرزاق وغيرها. ثم أخبر الله تعالى عن كفر أكثر الناس بالبعث والنشور المعبّر عنه بلقاء الله تبارك وتعالى ، لأن لقاء الله تعالى هو أعظم الأمور ، وفيه النجاة أو الهلاك.
ثم وبّخ الله تعالى المشركين توبيخا آخر ، وهو أنهم ساروا ونظروا في عواقب الأمم المتقدمة ، ولكن ذلك لم ينفعهم ، حتى لم يعملوا بحسب العبرة وخوف العاقبة.
إن هؤلاء الجاحدين عطلوا ثمرة النظر والفكر ، أفلم يتنقلوا في الأرض ، فينظروا بعقولهم وأفهامهم ، ويتأمّلوا بأخبار الماضين ، كانوا أشد قوة من أهل مكة ونحوهم ، وكانوا أكثر تحضّرا وتمدّنا ، حيث حرثوا الأرض وزرعوها ، وغرسوا فيها الأشجار ، أكثر مما فعله المكّيون ، وسائر العرب عند نزول الوحي ، وجاءتهم الآيات الدّالة على وجود الله وتوحيده ، فأعرضوا عنها ، فأهلكهم الله بذنوبهم وكفرهم وتكذيبهم رسلهم ، الذين أرسلهم الله تعالى إليهم ، فلم يكن عقابهم جورا ولا ظلما ، ولكن كانوا هم الظالمين أنفسهم ، بسبب تكذيبهم بآيات الله تعالى.
وهناك عقاب أشدّ من عقابهم الدنيوي ، فلقد كان مصير المسيئين أسوأ مصير ، وعقابهم أسوأ عقاب ، وهو الخلود في نيران جهنّم ، بسبب تكذيبهم بآيات الله تعالى