ودلائله الدّالة على وجوده ووحدانيته ، وبسبب استهزائهم وسخريتهم منها. فقوله تعالى : (أَساؤُا السُّواى) أي كان عاقبة الذين كفروا هي النار ، والتكذيب بآيات الله تعالى لا مجرد الاستهزاء بها ، فلذلك عدّد الله تعالى عليهم الفعلين.
إن تعطيل ثمار التفكير الصحيح منشؤه الخلود إلى الكفر والضلال ، لأن من أصمّ سمعه ، وأعمى بصره ، بسبب ملازمته منهج الكفر وتقليد الآباء والأجداد ، يصعب عليه ترك ما ألف وهجر ما اعتاد.
وإن إهمال الإعتبار بأحداث الماضين ، الذين تعرّضوا لعذاب الاستئصال ، مع شدّتهم وقوتهم في السّلم والإعمار ، والحرب والدّمار ، يعدّ نكسة شديدة في تاريخ الفكر الإنساني.
والعاقل من اتّعظ ، والمفكّر من اعتبر ، وفائدة العظة والعبرة تكمن في سلوك أهل البصيرة وأصحاب الرأي الحرّ المنعتق من رواسب التقليد ، ومحاكاة الآخرين من غير حجة ولا برهان.
إثبات المعاد ومخاوفه
الإيمان باليوم الآخر من أصول الإعتقاد في الإسلام ، بل هو ضرورة لازمة لإنصاف الخلائق ، وإحقاق الحقّ ، وإبطال الباطل ، لذا أخبر الله تعالى إخبارا عامّا مطلقا لجميع العالم بالحشر والبعث من القبور ، وأكّد سبحانه على أنه هو الذي يبدأ الخلق ويوجده ، ثم يحييه ويعيده إليه ، وفي ذلك اليوم يفرح المؤمنون بما أعدّه الله لهم من جنّات النعيم ، وييأس الكافرون والمجرمون من انقطاع حجّتهم ، وإصابتهم بالإحباط وفقد الأمل بالنّجاة ، ولا مفرّ من هذا المصير ، ولا أمل في الإنقاذ ، وإنما الناس حينئذ فريقان : فريق في الجنة ، وفريق في السعير.