قال الله تعالى مبيّنا أحوال القيامة والناس فيها : (اللهُ يَبْدَؤُا الْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ ثُمَّ إِلَيْهِ تُرْجَعُونَ (١١) وَيَوْمَ تَقُومُ السَّاعَةُ يُبْلِسُ الْمُجْرِمُونَ (١٢) وَلَمْ يَكُنْ لَهُمْ مِنْ شُرَكائِهِمْ شُفَعاءُ وَكانُوا بِشُرَكائِهِمْ كافِرِينَ (١٣) وَيَوْمَ تَقُومُ السَّاعَةُ يَوْمَئِذٍ يَتَفَرَّقُونَ (١٤) فَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ فَهُمْ فِي رَوْضَةٍ يُحْبَرُونَ (١٥) وَأَمَّا الَّذِينَ كَفَرُوا وَكَذَّبُوا بِآياتِنا وَلِقاءِ الْآخِرَةِ فَأُولئِكَ فِي الْعَذابِ مُحْضَرُونَ (١٦)) (١) (٢) (٣) [الرّوم : ٣٠ / ٣٠ / ١١ ـ ١٦].
هذه حقيقة العالم في البدء والنهاية ، فالله هو المبدئ وهو المعيد ، فكما هو قادر على بدء الخلق وإنشائه ، هو قادر على إعادته ، وإرجاعه ، فجميع المخلوقات يعودون إلى الله يوم القيامة ، ويبعثون من القبور.
وفي يوم القيامة : ييأس المجرمون من الاهتداء إلى الحجة النافعة لهم ، بسبب شدة الأهوال ، وعقم الوصول إلى المسوّغات المقبولة ، والأعذار المرضية.
ولن يجد المشركون لهم شفعاء من الأصنام التي كانوا يعبدونها من دون الله ، وكانوا بشركائهم وآلهتهم المزعومة جاحدين ، متبرئين منهم ، فإنهم لن يسعفوهم في وقت الحاجة إليهم ، كما جاء في آية أخرى : (إِذْ تَبَرَّأَ الَّذِينَ اتُّبِعُوا مِنَ الَّذِينَ اتَّبَعُوا وَرَأَوُا الْعَذابَ وَتَقَطَّعَتْ بِهِمُ الْأَسْبابُ (١٦٦) وَقالَ الَّذِينَ اتَّبَعُوا لَوْ أَنَّ لَنا كَرَّةً فَنَتَبَرَّأَ مِنْهُمْ كَما تَبَرَّؤُا مِنَّا كَذلِكَ يُرِيهِمُ اللهُ أَعْمالَهُمْ حَسَراتٍ عَلَيْهِمْ وَما هُمْ بِخارِجِينَ مِنَ النَّارِ (١٦٧)) [البقرة : ٢ / ١٦٦ ـ ١٦٧]. وهذا كله دليل الإفلاس والخسران.
ثم أخبر الله تعالى عن انقسام أهل المحشر قسمين :
ويوم تقوم القيامة يتفرق الناس فرقة لا اجتماع بعدها ، فيؤخذ أهل الإيمان والسعادة إلى الجنان ، ويؤخذ أهل الكفر والشقاوة إلى النيران ، إنهم يتفرقون في المنازل والأحكام والجزاء.
__________________
(١) أي ييأس المجرمون من الاهتداء إلى الحجة الناجعة.
(٢) يسرّون.
(٣) باقون فيه على الدوام.