ثانيهما : انه ذهب جماعة (١) إلى اعتبار وحدة المرتبة في الضدين والنقيضين زائدا على الوحدات الثمانية المعروفة.
وبعد التوجه إلى الامرين يظهر ان مراده (قدِّس سره) من هذا الجواب ان المنافرة بين الضدين كما تقتضي استحالة اجتماعهما في التحقق والوجود في زمان واحد كذلك تقتضي استحالة اجتماعهما في مرتبة واحدة وإذا استحال ذلك كان عدم احدهما في تلك المرتبة ضروريا ، والا فلا بد وان يكون وجوده فيها كذلك لاستحالة ارتفاع النقيضين عن الرتبة ـ مثلا ـ السواد والبياض متضادان ، ومقتضى تضادهما كما يكون امتناع اجتماعها في الوجود وفى آن واحد أو رتبة واحدة كذلك يكون ضرورة عدم واحد منهما في رتبة وجود الآخر لاستحالة ارتفاع النقيضين عن المرتبة أيضا.
والجواب عن ذلك ان ما أفاده يبتني على اصل غير تام.
وهو ان استحالة اجتماع الضدين أو النقيضين انما تكون مع وحدة الرتبة ، واما مع تعددها فلا استحالة ابدا ، أو فقل انه يعتبر في التناقض أو التضاد وحدة الرتبة ، ومع اختلافهما فلا تضاد ولا تناقض.
ولكنه فاسد إذ المضادة والمناقضة والممانعة من صفات الموجودات الخارجية لا المراتب العقلية. والتضاد بين السواد والبياض مثلا انما هو في ظرف الخارج
__________________
(١) نسبه بعض المعاصرين إلى قائل واختاره آخر وهو ظاهراً المحقق العراقي في روائع الآمالي ج ٣ ص ١٢٣ وفي نهاية الأفكار اعتبر ان وحدة المرتبة من الوحدات الثمانية التي تعتبر في التناقض والتضاد ج ٣ ص ٣٩١.