سورة الإنسان
وتسمى هل أتى والأمشاج والدهر مكية أو مدنية وهي إحدى وثلاثون آية ، ومائتان وأربعون كلمة ، وألف وأربعة وخمسون حرفا
واختلف فيها هل هي مكية أو مدنية فقال ابن عباس رضي الله تعالى عنهما ومقاتل والكلبي : مكية وجرى عليه البيضاوي والزمخشري. وقال الجمهور : مدنية ، وقال الجلال المحلي : مكية أو مدنية ولم يجزم بشيء. وقال الحسن وعكرمة : هي مدنية إلا آية وهي قوله تعالى : (فَاصْبِرْ لِحُكْمِ رَبِّكَ وَلا تُطِعْ مِنْهُمْ آثِماً أَوْ كَفُوراً) [الإنسان : ٢٤] وقيل : فيها مكّي من قوله تعالى : (إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنا عَلَيْكَ الْقُرْآنَ تَنْزِيلاً) [الإنسان : ٢٣] إلى آخر السورة وما تقدمه مدنيّ.
بسم الله الرّحمن الرّحيم
(بِسْمِ اللهِ) الذي له الأسماء الحسنى (الرَّحْمنِ) الذي عم بنعمه الذكر والأنثى. (الرَّحِيمِ) الذي خص منهم من شاء لمقام الأسنى.
ولما تم الاستدلال على البعث والقدرة عليه تلاه بهذا الاستفهام وهو قوله تعالى :
(هَلْ أَتى عَلَى الْإِنْسانِ حِينٌ مِنَ الدَّهْرِ لَمْ يَكُنْ شَيْئاً مَذْكُوراً (١) إِنَّا خَلَقْنَا الْإِنْسانَ مِنْ نُطْفَةٍ أَمْشاجٍ نَبْتَلِيهِ فَجَعَلْناهُ سَمِيعاً بَصِيراً (٢) إِنَّا هَدَيْناهُ السَّبِيلَ إِمَّا شاكِراً وَإِمَّا كَفُوراً (٣) إِنَّا أَعْتَدْنا لِلْكافِرِينَ سَلاسِلَ وَأَغْلالاً وَسَعِيراً (٤) إِنَّ الْأَبْرارَ يَشْرَبُونَ مِنْ كَأْسٍ كانَ مِزاجُها كافُوراً (٥) عَيْناً يَشْرَبُ بِها عِبادُ اللهِ يُفَجِّرُونَها تَفْجِيراً (٦))
(هَلْ أَتى) قال الزمخشري : بمعنى قد في الاستفهام خاصة والأصل أهل بدليل قول الشاعر (١):
سائل فوارس يربوع بثدتنا |
|
أهل رأونا بسفح القاع ذي الأكم |
فالمعنى : أقد أتى على التقرير والتقريب جميعا أي : أتى (عَلَى الْإِنْسانِ) قبل زمان قريب (حِينٌ مِنَ الدَّهْرِ لَمْ يَكُنْ شَيْئاً مَذْكُوراً) أي : كان شيئا منسيا غير مذكور نطفة في الأصلاب ا ه. فقوله على التقرير يعني المفهوم من الاستفهام ، وقوله : والتقريب يعني المفهوم من قد التي وقع
__________________
(١) البيت من البسيط ، وهو لزيد الخيل في ديوانه ص ١٥٥ ، والجنى الداني ص ٣٤٤ ، والدرر ٥ / ١٤٦ ، وشرح شواهد المغني ٢ / ٧٧٢ ، وشرح المفصل ٨ / ١٥٢ ، وبلا نسبة في أسرار العربية ص ٣٥٨ ، والأشباه والنظائر ٢ / ٤٢٧ ، والخصائص ٢ / ٤٦٣ ، واللمع ص ٣١٧.