لكل شيء وهدى ورحمة ، وأنه نزل عليه روح القدس بالحق ليثبت الذين آمنوا ، وأنّ اليهود اختلفوا في السبت.
وسورة لم يكن على قصرها حاوية إجمالا لكل ما في النحل على طولها وزيادة ، وفيها التحذير من الشك بعد البيان ، وتقبيح حال من فعل ذلك وأنّ حاله يكون كحال الكفرة من أهل الكتاب في العناد فيكون شر البرية فقرأها صلىاللهعليهوسلم تذكيرا له بذلك كله على وجه أبلغ وأخصر ليكون أسرع له تصوّرا ، فيكون أرسخ في النفس ، وأثبت في القلب ، وأعشق للطبع ، فاختصه الله بالتثبيت ، وأراد له الثبات فكان من المريدين المرادين لما وصل إلى قلبه بركة ضربة النبيّ صلىاللهعليهوسلم لصدره ، وصار كلما قرأ هذه السورة الجامعة غائبا عن تلاوة نفسه مصغيا بإذن قلبه إلى روح النبوّة يتلو عليه ذلك فيدوم له حال الشهود الذي وصل إليه بسر تلك الضربة ، ولثبوته في هذا المقام قال صلىاللهعليهوسلم : «اقرؤكم أبيّ» (١). قال القرطبي : وفيه من الفقه قراءة العالم على المتعلم. وقال بعضهم : إنما قرأ النبيّ صلىاللهعليهوسلم على أبيّ ليعلم الناس التواضع ، لئلا يأنف أحد من التعلم والقراءة على دونه في المنزلة. وقيل : إنّ أبيا كان أسرع أخذا لألفاظ رسول الله صلىاللهعليهوسلم ، فأراد بقراءته عليه أن يأخذ ألفاظه ويقرأ كما سمع رسول الله صلىاللهعليهوسلم يقرأ عليه ويعلم غيره وفيه فضيلة عظيمة لأبيّ ؛ إذ أمر الله تعالى رسوله صلىاللهعليهوسلم أن يقرأ عليه. وقول البيضاوي تبعا للزمخشري عن رسول الله صلىاللهعليهوسلم : «من قرأ سورة لم يكن كان يوم القيامة مع خير البرية مساء ومقيلا» (٢). حديث موضوع.
__________________
(١) أخرجه الترمذي في المناقب حديث ٣٧٩٠ ، وابن ماجه في المقدمة حديث ١٥٥.
(٢) ذكره الزمخشري في الكشاف ٤ / ٧٨٩.