الوليد بن المغيرة ، وقيل : في عتبة بن ربيعة ، وجلّ الآية يعطي أنّها نزلت في كفّار ، وإن كان أوّلها يتضمن خلقا ربما شارك فيها بعض المؤمنين.
و (دُعاءِ الْخَيْرِ) إضافته إضافة المصدر إلى المفعول ، وفي مصحف ابن مسعود (١) : «من دعاء بالخير» والخير في هذه الآية المال والصحّة ، وبذلك تليق الآية بالكفّار.
وقوله تعالى : (لَيَقُولَنَّ هذا لِي) أي : بعملي وبما سعيت / ولا يرى أنّ النعم إنّما هي فضل من الله تعالى ؛ قال ـ ص ـ : (لَيَقُولَنَ) قال أبو البقاء : هو جواب الشرط ، والفاء محذوفة ، وقيل : هو جواب قسم محذوف ، قال ـ ص ـ : قلت : هذا هو الحقّ ، والأوّل غلط ؛ لأنّ القسم قد تقدّم في قوله : (وَلَئِنْ) فالجواب له ، ولأنّ حذف الفاء في الجواب لا يجوز ، انتهى ، وفي تغليط الصفاقسيّ لأبي البقاء نظر.
وقوله : (وَما أَظُنُّ السَّاعَةَ قائِمَةً) قول بيّن فيه الجحد والكفر ، ثم يقول هذا الكافر : (وَلَئِنْ رُجِعْتُ إِلى رَبِّي) : كما تقولون : «إن لي عنده للحسنى» أي : حالا ترضيني من مال ، وبنين ، وغير ذلك ، قال* ع (٢) * : والأمانيّ على الله تعالى ، وترك الجدّ في الطاعة مذموم لكلّ أحد ؛ فقد قال عليهالسلام : «الكيّس من دان نفسه وعمل لما بعد الموت ، والعاجز من اتّبع نفسه هواها وتمنّى على الله» (٣).
(وَإِذا أَنْعَمْنا عَلَى الْإِنْسانِ أَعْرَضَ وَنَأى بِجانِبِهِ وَإِذا مَسَّهُ الشَّرُّ فَذُو دُعاءٍ عَرِيضٍ (٥١) قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ كانَ مِنْ عِنْدِ اللهِ ثُمَّ كَفَرْتُمْ بِهِ مَنْ أَضَلُّ مِمَّنْ هُوَ فِي شِقاقٍ بَعِيدٍ (٥٢) سَنُرِيهِمْ آياتِنا فِي الْآفاقِ وَفِي أَنْفُسِهِمْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُ الْحَقُّ أَوَلَمْ يَكْفِ بِرَبِّكَ أَنَّهُ عَلى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ (٥٣) أَلا إِنَّهُمْ فِي مِرْيَةٍ مِنْ لِقاءِ رَبِّهِمْ أَلا إِنَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ مُحِيطٌ)(٥٤)
وقوله تعالى : (وَإِذا أَنْعَمْنا عَلَى الْإِنْسانِ أَعْرَضَ وَنَأى بِجانِبِهِ ...) الآية ، ذكر سبحانه الخلق الذميمة من الإنسان جملة ، وهي في الكافر بيّنة متمكّنة ، وأمّا المؤمن ، ففي الأغلب يشكر على النعمة ، وكثيرا ما يصبر عند الشدة ، و (نَأى) معناه : بعد ولم يمل إلى شكر ولا طاعة.
وقوله : (فَذُو دُعاءٍ عَرِيضٍ) أي : وطويل أيضا ، وعبارة الثعلبيّ : (عَرِيضٍ) أي :
__________________
(١) ينظر : «مختصر الشواذ» ص : (١٣٥) ، و «الكشاف» (٤ / ٢٠٥) ، و «المحرر الوجيز» (٥ / ٢٢) ، و «البحر المحيط» (٧ / ٤٨٢) ، و «الدر المصون» (٦ / ٧١)
(٢) ينظر : «المحرر الوجيز» (٥ / ٢٢)
(٣) تقدم.