كثير ، والعرب تستعمل الطّول والعرض كليهما في الكثرة من الكلام ، انتهى.
ثم أمر تعالى نبيّه أن يوقّف قريشا على هذا الاحتجاج ، وموضع تغريرهم بأنفسهم ، فقال : (قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ كانَ مِنْ عِنْدِ اللهِ) ، وخالفتموه ألستم على هلكة؟ فمن أضلّ ممّن يبقى على مثل هذا الغرر مع الله ؛ وهذا هو الشقاق ؛ ثم وعد تعالى / نبيّه* ع* بأنّه سيرى الكفّار آياته ، واختلف في معنى قوله سبحانه : (فِي الْآفاقِ وَفِي أَنْفُسِهِمْ) فقال المنهال والسّدّيّ وجماعة : هو وعد بما يفتحه الله على رسوله من الأقطار حول مكّة ، وفي غير ذلك من الأرض ؛ كخيبر ونحوها (وَفِي أَنْفُسِهِمْ) : أراد به فتح مكّة (١) ؛ قال* ع (٢) * : وهذا تأويل حسن ، يتضمّن الإعلام بغيب ظهر بعد ذلك ، وقال قتادة والضّحّاك (سَنُرِيهِمْ آياتِنا فِي الْآفاقِ) : هو ما أصاب الأمم المكذّبة في أقطار الأرض قديما (٣) ، (وَفِي أَنْفُسِهِمْ) : يوم بدر ، والتأويل الأوّل أرجح ، والله أعلم ، والضمير في قوله تعالى : (أَنَّهُ الْحَقُ) عائد على الشرع والقرآن فبإظهار الله نبيّه وفتح البلاد عليه يتبيّن لهم أنّه الحقّ.
وقوله : (بِرَبِّكَ) قال أبو حيّان (٤) : الباء زائدة ، وهو فاعل (يَكْفِ) أي : أو لم يكفهم ربّك ، انتهى ، وباقي الآية بيّن.
__________________
(١) أخرجه الطبري (١١ / ١٢٥) برقم : (٣٠٦٠٤) عن السدي ، وذكره ابن عطية (٥ / ٢٣) ، وابن كثير (٤ / ١٠٥)
(٢) ينظر : «المحرر الوجيز» (٥ / ٢٣)
(٣) ذكره البغوي في «تفسيره» (٤ / ١١٨) عن مجاهد ، والحسن ، والسدي ، والكلبي ، وابن عطية (٥ / ١١٨)
(٤) ينظر : «البحر المحيط» (٧ / ٤٨٣)