جزيلا من الدّرر ، قد استوعبت فيه بحمد الله مهمّات ابن عطيّة ، وزدته فوائد جليلة من غيره ، وليس الخبر كالعيان ، توخّيت فيه بحمد / الله الصواب ؛ وجعلته ذخيرة عند الله ليوم المآب ، لا يستغني عنه المنتهي ؛ وفيه كفاية للمبتدي ، يستغني (١) به عن المطوّلات ؛ إذ قد حصّل منها لبابها ؛ وكشف عن الحقائق حجابها.
التّعريف برحلة المؤلّف
رحلت في طلب العلم في أواخر القرن الثّامن ، ودخلت بجاية في أوائل القرن التاسع ، فلقيت بها الأئمة المقتدى بهم ، أصحاب سيّدي عبد الرحمن الوغليسيّ متوافرين ، فحضرت مجالسهم ، وكانت عمدة قراءتي بها على سيدي [علي بن] (٢) عثمان المانجلاتيّ ـ رحمهالله ـ بمسجد عين البربر ، ثم ارتحلت إلى تونس ، فلقيت بها سيدي عيسى الغبريني والأبيّ ، والبرزليّ ، وغيرهم ، وأخذت عنهم ، ثم ارتحلت إلى المشرق ، فلقيت بمصر الشيخ وليّ الدّين العراقي ، فأخذت عنه علوما جمّة معظمها علم الحديث ، وفتح الله لي فيه فتحا عظيما ، وكتب لي وأجازني جميع ما حضرته عليه ، وأطلق في غيره ، ثم لقيت بمكّة بعض المحدّثين ، ثم رجعت (٣) إلى الديار المصرية وإلى تونس ، وشاركت من بها ، ولقيت بها شيخنا أبا عبد الله محمّد بن مرزوق قادما لإرادة الحجّ ، فأخذت عنه كثيرا ، وأجازني [التدريس] في أنواع الفنون الإسلاميّة ، وحرّضني على إتمام تقييد وضعته على ابن الحاجب الفرعيّ.
قلت : ولما فرغت من تحرير هذا المختصر وافق قدوم شيخنا أبي عبد الله محمّد بن مرزوق علينا في سفرة سافرها من تلمسان متوجّها إلى تونس ، ليصلح / بين سلطانها وبين صاحب تلمسان ، فأوقفته على هذا الكتاب ، فنظر فيه وأمعن النظر ، فسرّ به سرورا كثيرا ودعا لنا بخير ، والله الموفّق بفضله.
__________________
(١) في د : يستعين.
(٢) سقط في : د.
(٣) في د : رجعنا.