ونحو ذلك مما اختلفت فيه ألفاظ الحديث ، فلمّا فرغ ذلك لم يؤمن ، وجاء إلى مكّة ، فقال : يا بني هاشم ، ساخروا بصاحبكم أهل الأرض ، فنزلت هذه الآية فيه وفي نظرائه ، و (يَسْتَسْخِرُونَ) قال مجاهد وقتادة : معناه : يسخرون (١) ، ثم أمر تعالى نبيّه أن يجيب تقريرهم واستفهامهم عن البعث ب (نَعَمْ) ، وأن يزيدهم في الجواب ، أنّهم مع البعث في صغار وذلّة واستكانة ، والدّاخر : الصّاغر الذليل ، وقد تقدّم بيانه غير ما مرّة ، والزّجرة الواحدة : هي نفخة البعث ، قال العراقيّ : الزّجرة : الصّيحة بانتهار ، انتهى. و (الدِّينِ) : الجزاء ، وأجمع المفسّرون على أن قوله تعالى : (هذا يَوْمُ الْفَصْلِ الَّذِي كُنْتُمْ بِهِ تُكَذِّبُونَ) ليس هو من قول الكفرة وإنما المعنى : يقال لهم.
وقوله : (وَأَزْواجَهُمْ) معناه : أنواعهم وضرباؤهم ؛ قاله عمر وابن عبّاس وقتادة (٢) ، ومعهم (ما كانُوا يَعْبُدُونَ* مِنْ دُونِ اللهِ) من آدميّ رضي بذلك ، ومن صنم ووثن ؛ توبيخا لهم وإظهارا لسوء حالهم ، وقال الحسن : (أَزْواجَهُمْ) نساؤهم المشركات : وقاله ابن عبّاس أيضا (٣).
وقوله تعالى : (فَاهْدُوهُمْ) معناه : قدّموهم واحملوهم على طريق الجحيم ، ثم يأمر الله تعالى بوقوفهم ـ على جهة التّوبيخ لهم ـ والسؤال ، قال جمهور المفسرين : يسألون عن أعمالهم ويوقفون على قبحها ، وقد تقدّم قوله صلىاللهعليهوسلم : «لا تزول قدما عبد ...» الحديث ، قال* ع (٤) * : ويحتمل عندي أن يكون المعنى على نحو ما فسّره تعالى بقوله : (ما لَكُمْ لا
__________________
(١) أخرجه الطبري في «تفسيره» (١٠ / ٤٧٧) برقم : (٢٩٣٠٢) عن قتادة وبرقم : (٢٩٣٠٣) عن مجاهد ، وذكره ابن عطية في «تفسيره» (٤ / ٤٦٨) ، وابن كثير في «تفسيره» (٤ / ٤) ، والسيوطي في «الدر المنثور» (٥ / ٥١٣) ، وعزاه لعبد بن حميد ، وابن أبي حاتم عن قتادة ، ولعبد بن حميد ، وابن المنذر ، وابن أبي حاتم عن مجاهد.
(٢) أخرجه الطبري في «تفسيره» (١٠ / ٤٧٩) برقم : (٢٩٣١٢) عن عمر بن الخطاب وبرقم : (٢٩٣١٣) عن ابن عبّاس ، وذكره ابن عطية في «تفسيره» (٤ / ٤٦٨) ، وابن كثير في «تفسيره» (٤ / ٤) عن عمر ، والسيوطي في «الدر المنثور» (٥ / ٥١٣) ، وعزاه لعبد الرزاق ، والفريابي ، وابن أبي شيبة ، وابن منيع في مسنده ، وعبد بن حميد ، وابن المنذر ، وابن أبي حاتم ، والحاكم وصححه ، وابن مردويه ، والبيهقي في «البعث» من طرق النعمان بن بشير عن عمر ، وللفريابي ، وسعيد بن منصور ، وابن أبي شيبة ، وعبد بن حميد ، وابن المنذر ، وابن أبي حاتم ، والبيهقي في «البعث» عن ابن عبّاس ، ولعبد بن حميد ، وابن مردويه ، وابن المنذر ، وابن أبي حاتم عن قتادة.
(٣) ذكره ابن عطية في «تفسيره» (٤ / ٤٦٩) عن الحسن وابن عبّاس ، وذكره ابن كثير في «تفسيره» (٤ / ٤) عن ابن عبّاس.
(٤) ينظر : «المحرر الوجيز» (٤ / ٤٦٩)