قال* ع (١) * : من غلب شهوته وغضبه فذلك الذي امتحن الله قلبه للتقوى ، وبذلك تكون الاستقامة ، وقال البخاريّ : (امْتَحَنَ) : أخلص ، انتهى.
(إِنَّ الَّذِينَ يُنادُونَكَ مِنْ وَراءِ الْحُجُراتِ أَكْثَرُهُمْ لا يَعْقِلُونَ (٤) وَلَوْ أَنَّهُمْ صَبَرُوا حَتَّى تَخْرُجَ إِلَيْهِمْ لَكانَ خَيْراً لَهُمْ وَاللهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ (٥) يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ جاءَكُمْ فاسِقٌ بِنَبَإٍ فَتَبَيَّنُوا أَنْ تُصِيبُوا قَوْماً بِجَهالَةٍ فَتُصْبِحُوا عَلى ما فَعَلْتُمْ نادِمِينَ (٦) وَاعْلَمُوا أَنَّ فِيكُمْ رَسُولَ اللهِ لَوْ يُطِيعُكُمْ فِي كَثِيرٍ مِنَ الْأَمْرِ لَعَنِتُّمْ وَلكِنَّ اللهَ حَبَّبَ إِلَيْكُمُ الْإِيمانَ وَزَيَّنَهُ فِي قُلُوبِكُمْ وَكَرَّهَ إِلَيْكُمُ الْكُفْرَ وَالْفُسُوقَ وَالْعِصْيانَ أُولئِكَ هُمُ الرَّاشِدُونَ (٧) فَضْلاً مِنَ اللهِ وَنِعْمَةً وَاللهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ)(٨)
وقوله سبحانه : (إِنَّ الَّذِينَ يُنادُونَكَ مِنْ وَراءِ الْحُجُراتِ أَكْثَرُهُمْ لا يَعْقِلُونَ) نزلت في وفد بني تميم وقولهم : يا محمّد ، اخرج إلينا ، يا محمّد ، اخرج إلينا ، وفي مصحف ابن مسعود : «أكثرهم بنو تميم لا يعقلون» وباقي الآية بيّن.
وقوله تعالى : (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ جاءَكُمْ فاسِقٌ بِنَبَإٍ فَتَبَيَّنُوا) وقرىء «فتثبّتوا» روي في سبب الآية : «أنّ النبيّ صلىاللهعليهوسلم بعث الوليد بن عقبة بن أبي معيط إلى بني المصطلق مصدّقا ، فلمّا قرب منهم خرجوا إليه ، ففزع منهم ، وظنّ بهم شرّا ، فرجع ، وقال للنبيّ صلىاللهعليهوسلم : قد منعوني الصدقة ، وطردوني ، وارتدّوا ، فغضب النبيّ صلىاللهعليهوسلم وهمّ بغزوهم ، فورد وفدهم منكرين لذلك» (٢) ، وروي أنّه لمّا قرب منهم بلغه عنهم أنّهم قالوا : لا نعطيه الصّدقة ولا نطيعه ، فقال ما ذكرناه فنزلت الآية ، و (أَنْ تُصِيبُوا) معناه : مخافة أن / تصيبوا ، قال قتادة : وقال النبي صلىاللهعليهوسلم عند ما نزلت هذه الآية : «التّثبّت من الله والعجلة من الشيطان» (٣).
__________________
(١) ينظر : «المحرر الوجيز» (٥ / ١٤٦)
(٢) أخرجه الطبري (١١ / ٣٨٣ ـ ٣٨٤) برقم : (٣١٦٨٦) ، والسيوطي في «الدر المنثور» (٦ / ٩٢) ، وعزاه إلى ابن منده ، وابن مردويه.
(٣) أخرجه البيهقي (١٠ / ١٠٤) كتاب «آداب القاضي» باب : التثبت في الحكم ، وأبو يعلى (٧ / ٢٤٧ ـ ٢٤٨) ، (١٥٠١ / ٤٢٥٦).
قال الهيثمي في «المجمع» (٨ / ٢٢) : رواه أبو يعلى ، ورجاله رجال الصحيح.
قلت : فيه سعد بن سنان ، ويقال له : سنان بن سعد ، وقد قال المزي في «تهذيب الكمال» : وقال أبو حاتم بن حبّان في كتاب «الثقات» : حدّث عنه المصريّون ، وهم مختلفون فيه ، وأرجو أن يكون الصحيح سنان بن سعد ، وقد اعتبرت حديثه ، فرأيت ما روي عن سنان بن سعد يشبه أحاديث الثّقات ، وما روي عن سعد بن سنان ، وسعيد بن سنان فيه المناكير ، كأنّهما اثنان ، فالله أعلم.
وقال أبو عبيد الآجري : سألت أبا داود عن سنان بن سعد ، فقال : كان أحمد لا يكتب حديثه. ـ